منذ أن قدم الأخوان “لوميير”، اختراع فن السينما إلي البشرية في العام 1895، وحتى تاريخ كتابة هذه السطور، خاض فن السينما كل ما يهم الإنسان ويتعلق بقضاياه مع ذاته ومع العالم وغيره من البشر.
وكما جابت السينما في أجواء الفضاء الخارجي، وأعماق البحار والمحيطات، الجبال والصحاري، السهول والوديان، المدن والقري، غاصت أيضا في النفس البشرية وما يعتمل فيها من نرعات ورغبات، مشاعر ومكنونات، حتي أمراضها النفسية وتشوهاتها، ومن بينها التحرش الجنسي والاغتصاب.
ومن بين عشرات الأفلام التي قدمتها السينما العالمية، يبقي فيلم “Sleepers”، أو “النائمون”، والذي قدمه المخرج باري ليفينسون، وكتب له السيناريو والحوار عن رواية للكاتب الأمريكي، لورينزو كاركاترا.
روبرت دي نيرو يقسم كذبا لأجل طلابه الذين تعرضوا للاغتصاب الجنسي..ما القصة؟
الفيلم الذي استقبلته دور السينما الأمريكية في العام 1996، يعد من أبرز وأقوى الأفلام السينمائية التي تناولت قضية التحرش والاغتصاب الجنسي خاصة الذي يتعرض له الأطفال والمراهقين.
تبدأ قصة الفيلم بصوت الراوي يسترجع ذكريات صفولته مع أصدقائه الأربعة، وكيف صار اثنين منهم قتلة قبل أن يبلغا الثلاثين، بينما الآخر مدع عام الولاية يعيش خائف تطارد أشباح ماضيه. بينما الرابع ــ راوي الحكاية وهو كاتب صحفي يقدم لنا قصة الصبية الأربعة الذين فقدوا طفولتهم وبراءتهم وتابعوا الحياة أجساد خاوية بلا روح.
وبطريقة الفلاش باك، تنطلق أحداث الفيلم من العام 1967، في شوارع مانهاتن التي كانت ساحة للهو الصبية خاصة في فصل الصيف. ورغم ألعابهم وهروبهم من شجار أمهاتهم وآبائهم إلي شوارع المدينة الكبيرة، إلا أنهم كانوا جميعا بلا استثناء يواظبون علي الخدمة الكنسية، من أجل الأب ــ القس ــ “والد بوبي” والذي قام بدوره الفنان العالمي روبرت دي نيرو.
خلال الإجازة الصيفية، يعمل الصبية الأربعة (تومي، شايكس، جون، وتومي)، أعمال خفيفة كصبي بقال، أم عامل توصيل وغيرها من الأعمال التي يقضون وقت الصيف فيها. وفي وقت الراحة لا يفترقون، يتخذون من شوارع حيهم “هيلز كيتشن” ملعبا للهو والمرح. إلا أن حياتهم تتحول إلي جحيم إثر وفاة أحد عمال عربات الأكل الجاهز في الحي.
فخلال لهوهم ومشاكساتهم يخطف أحد الصبية “سندوتش” من صاحب العربة دون أن يدفع ثمنه، فيجري وراءه في الوقت الذي دفع بقية الصبية عربة الطعام لتصطدم بصاحبه وتقتله. يقدم الصبية إلى المحاكمة التي تقضي بوضعهم في إصلاحية المدينة، لينفتح الجحيم عليهم في هذه الإصلاحية وتتحول حياتهم ومصائرهم في الحياة إلى الأبد.

حيث يتعرض الصبية الأربعة للاغتصاب على أيدي حراس الإصلاحية، والذين كانوا يتناوبون على اغتصابهم كل ليلة، حتى أنهم كلما شعروا بالملل خلال نوبات عملهم الليلية يخرجون الصبية من عنبرهم ويتوجهون بهم في قبو بعيد عن أعين كل من في الإصلاحية ويغتصبونهم.
الندوب النفسية التي حفرت غائرا بدواخل الصبية الأربعة لا تندمل، وتصاحبهم طوال حياتهم، حتي أن أثنين منهما صارا قاتلين محترفين، ورغم أن الأثنين اآخرين، أحدهما المدع العام والثاني كاتب صحفي، إلا أن انتهاك طفولتهم لم ينمح حتى بعدما ثأروا لأنفسهم.
تقود المصادفة اثنين من الصبية ــ بعدما صاروا شبابا ــ للجلوس في أحد المطاعم مع ضباط السجن الذين اغتصبوهم، وتختمر الفكرة في أذهانهم وينفذونها بسرعة البرق، ويقتلوا الضباط الأربعة ويقدموا للمحاكمة. التي يتصادف أن يكون المدع العام فيها صديقهم “مايكل”، والذي يحاول ــ ظاهريا ــ إدانتهم إلا أنه على الجانب الآخر يخطط لتبرئتهم، بالاتفاق مع الصديق الرابع الصحفي.
وتتلخص خطة “مايكل” في توكيل أفشل محام في الولاية السكير ــ وقام بالدور داستن هوفمان ــ للدفاع عن صديقيه، علي أن يكتب له مرافعات المحاكمة. بالتزامن مع طلب القس “بوبي” ــ وقام بالدور روبرت دي نيرو ــ للمثول أمام المحكمة ليشهد بأن القاتلين كانا في الكنيسة بصحبته وقت وقوع جريمة قتل الضباط.
يتوقف نجاح خطة “مايكل” في تبرئة أصدقائه على شهادة القس بوبي، والذي رفض في البداية أن يقسم على الكتاب المقدس في المحكمة كذبا، ورغم العلاقة الإنسانية التي ربطت بين الصبية وبين بوبي، إلا أنه يرفض حتي المثول أمام المحكمة، إلا أن الجلسة الأخيرة للمحاكمة تشهد مفاجأة بحضور بوبي والذي يقسم بأن القاتلين كان معه أثناء قتل الضباط الأربعة بعدما كشف له الصحفي عما تعرضوا له في الإصلاحية، ليحصل المتهمين على البراءة.
0 تعليق