يعد الخط العربي أحد أبرز الفنون الإسلامية التي حافظت على الهوية الحضارية والثقافية للأمة، وكان لمصر نصيب وافر من أعلام هذا الفن الراقي.
ومن بين هؤلاء العمالقة يبرز اسم الخطاط الكبير محمود إبراهيم سلامة، الذي لقب بـ"شيخ الخطاطين"، نظرًا لمهارته الفائقة وإسهاماته البارزة في تطوير هذا الفن وتدريسه لأجيال متعاقبة من الفنانين والخطاطين.
وفي ذكرى ميلاده، نستحضر مسيرة شيخ الخطاطين الذي لم يكن مجرد فنان، بل كان حاملًا لرسالة حضارية وثقافية، وقد خط محمود إبراهيم سلامة اسمه بحروف من ذهب في سجل الفنون الإسلامية، وسيبقى نموذجًا يحتذى به في التفاني والإبداع والوفاء لفن الخط العربي.
البدايات والنشأة الفنية
ولد محمود إبراهيم سلامة في مثل هذا اليوم، وكان منذ صغره شغوفًا بالحرف العربي وجمالياته، ما دفعه إلى تعلم قواعد الخط وأنواعه على يد كبار الخطاطين في مصر، في مقدمتهم الخطاط الكبير محمد عبد المنعم خفاجي، إلى جانب استفادته من أساليب الخطاطين الأتراك الذين تركوا بصمات واضحة في هذا الفن عبر العصور.

إبداع فني وتنوع في الخطوط
تميز "سلامة" بإتقانه لمختلف أنواع الخطوط العربية، لا سيما الثلث والنسخ والرقعة، لكنه برع بوجه خاص في الخط الكوفي، الذي أعاد إليه الحياة بطريقة إبداعية جمعت بين الأصالة والتجديد. وقد عرف عنه ولعه بإحياء القواعد الكلاسيكية للخط دون أن يهمل اللمسات الجمالية المعاصرة.
بصماته على الجدران والورق
ترك "سلامة" بصمة فنية لا تنسى من خلال أعماله التي تزينت بها المساجد والميادين العامة في مصر وخارجها، مثل جامع الأزهر الشريف ومسجد السيدة زينب، كما شارك في زخرفة العديد من المصاحف، إلى جانب تصميمه لشعارات وخطوط طباعية لا تزال مستخدمة.
المعلم والقدوة
لم يكن محمود إبراهيم سلامة فنانًا فحسب، بل كان معلمًا ومربيًا للأجيال، حيث عمل في المعاهد الفنية، وأسس ورشًا لتعليم الخط العربي، وساهم في نشر هذا الفن الأصيل في العالم العربي والإسلامي. نال جوائز مرموقة منها جائزة الدولة التقديرية في الفنون.
حضور عالمي وتأثير دائم
امتد تأثير سلامة إلى خارج حدود الوطن، إذ عرضت أعماله في معارض ومهرجانات دولية في تركيا والمغرب وماليزيا والإمارات، حيث مثل مصر وساهم في نشر جماليات الخط العربي على مستوى عالمي.
0 تعليق