فايننشال تايمز: هكذا نقلت إسرائيل حربها إلى الضفة الغربية - نجد الاخبارية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في مساء شتوي هادئ من يناير/كانون الثاني 2024، وبينما كانت عائلة فلسطينية تجتمع أمام أحد البيوت في بلدة طمون بشمال الضفة الغربية، انقلب الهدوء إلى مأساة؛ طائرة إسرائيلية من دون طيار أطلقت صاروخا أسفر عن مقتل 3 من أقارب العائلة.

الضحايا الثلاث أبناء عمومة وهم: حمزة (8 أعوام)، ورضا (10 أعوام)، وآدم (23 عاما)، في مشهد وصفه شهود عيان بأنه يشبه مشاهد المجازر في قطاع غزة.

هرعت إيمان بشارات (والدة حمزة) إلى خارج منزلها على وقع الانفجار، لتجد جسد ابنها ممزقا بشظايا، ورأس ابن عمه رضا مفتوحا تنسكب منه أجزاء دماغه. أما آدم ففارق الحياة بين ذراعيها.

"كان كل شيء يطير.. شظايا ودماء، كأن السماء نفسها انفجرت"، هكذا تقول إيمان بصوت متهدج، وتضيف "ما رأيته كان كابوسا من غزة، لكنه حدث هنا، أمام منزلي".

Young friends and relatives of Reda Ali Bsharat (portraits L), 8, Adam Khaireddin Bsharat (portraits 2L), 23, and Hamza Ammar Bsharat (portraits R), 10, who were killed a day earlier in an Israeli airstrike, pose with their pictures set up in memoriam at the site of the strike in their town of Tammun in the occupied West Bank on January 9, 2025. Palestinian officials on January 8 said two children were among three killed in an airstrike in Tammun which the Israeli military said targeted militants. Ahmad Asaad, governor of the nearby city of Tubas identified the dead as Adam Bsharat, 23, Hamza Bsharat, 10, and Reda Bsharat, 8. (Photo by Zain JAAFAR / AFP)
أصدقاء وأقارب حمزة ورضا وآدم يقفون مع صورهم التي وضعت لإحياء ذكراهم في موقع الغارة في بلدة طمون (الفرنسية)

تصعيد غير مسبوق

وأورد تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز أن إسرائيل كثفت منذ هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 عملياتها العسكرية في الضفة الغربية.

ورغم أن الأنظار تركزت على غزة، فإن الأرقام تشير إلى أن الضفة شهدت أيضا تصعيدا خطيرا. فقد قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 900 فلسطيني في الضفة منذ ذلك التاريخ، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وذلك ما يجعل العامين 2023 و2024 الأكثر دموية للفلسطينيين في الضفة منذ بدأ تسجيل البيانات في عام 2005.

وذكر التقرير أن الجيش الإسرائيلي، الذي أوقف استخدام الضربات الجوية في الضفة منذ 17 عاما، عاد إلى هذه السياسة في يونيو/حزيران 2023، لكنه زاد منها بعد هجوم حماس.

وامتدت هذه العمليات إلى استخدام المروحيات، وأحيانا الطائرات الحربية، كما حدث في مخيم طولكرم، بالإضافة إلى نشر دبابات في عمليات عسكرية داخل مخيمات جنين ونور شمس وطولكرم.

إعلان

ما وراء السياسة

وتبرر الحكومة الإسرائيلية، التي تعد الأكثر يمينية في تاريخ البلاد، بقيادة بنيامين نتنياهو، هذا التصعيد بالحاجة إلى مواجهة "تهديدات متصاعدة" في مناطق فقدت فيها السلطة الفلسطينية سيطرتها.

لكن محللين قالوا لفايننشال تايمز إنهم يرون أن جزءا من التصعيد يعود إلى ضغوط سياسية يمارسها حلفاء نتنياهو من أقصى اليمين، أمثال بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير الداعين إلى ضم الضفة الغربية وتعزيز القبضة العسكرية عليها.

"بعض هذا التصعيد له دوافع عملياتية، لكن هناك بلا شك أهداف سياسية وراءه. فعندما تستخدم إسرائيل طائرة F-16 ضد مخيم لاجئين كان يمكن استهدافه بطائرة مسيرة، فهذا ليس فقط لأسباب عسكرية"، كما يقول إبراهيم دلالشة مدير مركز الأفق للدراسات السياسية في رام الله.

TULKARM, WEST BANK - MAY 02: Palestinians rush to their homes, to take what they could carry and left the area, on May 02, 2025 in Tulkarm, West Bank. The Israeli army notified the owners of 106 Palestinian homes in the West Bank city of Tulkarm and the Nur Shams Refugee Camp, east of the city, that it would demolish them. It was stated that Israeli forces are carrying out 'military purposes' in the areas where Palestinian houses are located and therefore warned the owners to evacuate their belongings. ( Nedal Eshtayah - Anadolu Agency )
جنود إسرائيليون بمخيم نور شمس حيث بدأ هدم منازل الفلسطينيين (الفرنسية)

تدمير ممنهج ومعاناة يومية

وأوضح التقرير أن الهجمات الجوية ليست الوحيدة التي تغير وجه الحياة في الضفة، إذ شملت الحملة العسكرية الإسرائيلية تدمير منازل وطرق، وتشريد آلاف الفلسطينيين، إضافة إلى فرض أكثر من 800 حاجز ونقطة تفتيش جديدة، مما جعل التنقل الداخلي مغامرة محفوفة بالمخاطر.

وفي الوقت نفسه، ارتفعت وتيرة عنف المستوطنين اليهود ضد الفلسطينيين، حيث سجلت الأمم المتحدة أكثر من 2,200 هجوم شمل الاعتداء على المدنيين، وإتلاف الممتلكات، وقطع الأشجار، ودفع مجتمعات رعوية بأكملها إلى النزوح.

نحو "غزة جديدة"؟

ونقل تقرير فايننشال تايمز عن منظمات حقوق الإنسان تحذيرها من أن إسرائيل تطبّق تكتيكات الحرب على منطقة تخضع لقوانين الاحتلال، وليس لساحة نزاع مفتوح.

ونسب التقرير إلى إيتان دياموند، خبير القانون الدولي الإنساني في مركز ديكونيا في القدس، قوله إن "ما يحدث في الضفة هو عسكرة مفرطة للحياة المدنية، واستخدام الضربات الجوية وتدمير البنية التحتية بشكل واسع يتعارض تماما مع قوانين إنفاذ القانون في الأراضي المحتلة".

TULKARM, WEST BANK - MAY 02: Palestinians rush to their homes, to take what they could carry and left the area, on May 02, 2025 in Tulkarm
فلسطينيون في مخيم نور شمس للاجئين بطولكرم يغادرون المنطقة في 2 مايو/أيار 2025 بعد أن أبلغهم الجيش بأنه سيهدم منازلهم (الأناضول)

خوف دائم

وذكر التقرير أن أهالي الضفة لم تعد لديهم أماكن آمنة. فقد قالت إيمان بشارات "كنا نخاف من الخروج من المنزل… اليوم، نخاف ونحن داخله. إذا تمكنوا من قتل أطفالنا بلا سبب، فلا يوجد ما يمنعهم من فعل أي شيء آخر".

إعلان

وختم بالقول إنه في ظل هذا التصعيد، وبين فشل المسارات السياسية وتزايد العنف، يعيش الفلسطينيون في الضفة الغربية واقعا يتشابه شيئا فشيئا مع ذلك الذي في غزة، لكن من دون أن يراه العالم بالوضوح ذاته.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق