في ظل الظروف التي بدت فيها بعض الأسر المغربية، التي سعت جاهدة لتوفير ميزانية لشراء الأضاحي أو اللحوم والأحشاء، بهدف الاحتفاظ بجزء من طقوس عيد الأضحى الذي ألغيت فيه شعيرة النحر هذا العام، وكأنها “خارجة عن الصف” بالنسبة للكثيرين، أكد الحقوقيون على “أهمية احترام الحرية الشخصية لكل فرد”، بينما دعا الباحثون في الشأن الديني إلى “الاعتدال في الاستهلاك”
وقد أثارت تدوينة نشرها وزير العدل الأسبق، مصطفى الرميد، والتي وصف فيها هذه الفئة بـ”عباد الدوارة” و”المواطنين المرضى” الذين يحتاجون إلى علاج، جدلاً واسعًا في الأوساط المجتمعية
وفي هذا السياق، صرح عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، بأن “حق الأفراد في شراء الأضاحي واللحوم يعتبر جزءًا لا يتجزأ من حقوقهم الشخصية، وهو مرتبط بشكل وثيق بحريتهم في ممارسة شعائرهم الدينية وتقاليدهم الاجتماعية والثقافية”
أهمية احترام الحقوق الشخصية في اقتناء الأضاحي واللحوم
وأوضح الخضري أن هذا الحق يجب أن يحظى بالاحترام الكامل، طالما أنه لا يلحق ضررًا بالآخرين أو بالمجتمع ككل، مشيرًا إلى أن “قرار إلغاء أضحية العيد لهذا العام له ما يبرره من أسباب موضوعية، خاصة تلك المتعلقة بالتراجع الحاد في أعداد القطيع الوطني والارتفاع الكبير في أسعار اللحوم الحمراء”، وأضاف: “إن الغالبية العظمى من المواطنين تدرك تمامًا هذه العوامل وتلتزم بالقرار عن قناعة تامة، ولكن يجب ألا يحرم هذا القرار بعض الأفراد من حقهم في شراء الأضحية أو اللحوم بكميات إضافية”
وأشار المتحدث نفسه إلى أن “ذبح الأضحية خارج التوقيت المحدد لا يعتبر ممارسة لشعيرة الأضحى، بل هو مجرد ممارسة اجتماعية وتقليدية بحتة”، وأردف قائلاً: “إن وصف الأشخاص الذين يختارون شراء الأضاحي واللحوم بالخونة أو بأنهم يشكلون تهديدًا للقطيع الوطني هو وصف مبالغ فيه وغير منصف، واستخدام مثل هذه المصطلحات ينطوي على تحريض وتفرقة، ولا يخدم الخطاب العام ولا يساهم في تعزيز السلم الاجتماعي”
مبررات إلغاء النحر والدعوة إلى الاعتدال
من جانبه، يرى حسن الموس، الباحث في العلوم الشرعية وعضو مركز المقاصد للدراسات والبحوث، أن “سياق إلغاء النحر لهذا العام كان يستند إلى مبررات قوية للغاية، تجمع بين الاعتبارات الدينية والظروف الاقتصادية”
واعتبر الموس أن “المواطنين الذين يتجاوزون هذا القرار بشراء الأضاحي يعارضون التوجيهات الملكية التي يجب الالتزام بها لما لها من آثار إيجابية على القطيع الوطني وعلى جميع الأسر المغربية”
وفيما يتعلق بالأسر التي فضلت شراء اللحوم الحمراء والأحشاء بكميات كبيرة، يرى المتحدث أنها “لا تخالف الشريعة الإسلامية، ولكن يجب عليها فقط أن تعتدل في الشراء بحيث تقتصر على ما يكفي ليوم أو يومين فقط”، مشددًا على “أهمية تجنب فرض الرقابة في هذا الجانب، من خلال فرض رأي واحد على هذه الفئة، وبدلاً من ذلك يجب تقديم النصح البليغ بشأن الاستهلاك المعتدل”
ويرى الباحث في العلوم الشرعية أن “إطلاق أوصاف تخرج هؤلاء المغاربة عن دائرة الأمة أمر غير مقبول شرعًا على الإطلاق”، داعيًا إلى “استخدام جميع وسائل النصح والإرشاد”