بالتأكيد، إليك إعادة صياغة المحتوى مع الالتزام بالتعليمات المحددة:
دعا الملك محمد السادس المواطنين إلى عدم التضحية في عيد الأضحى هذا العام، وذلك بالنظر إلى التحديات المناخية والاقتصادية التي أدت إلى انخفاض ملحوظ في أعداد الماشية، مؤكداً أن عيد الأضحى سنة مؤكدة لمن استطاع إليها سبيلا، وأن القيام بها في هذه الظروف الصعبة قد يلحق ضرراً بفئات واسعة من الشعب، خاصة ذوي الدخل المحدود.
تدابير احترازية وتقييد شراء الأضاحي
مع قرب حلول عيد الأضحى، رصدت هسبريس إجراءات تهدف إلى منع بعض المواطنين من شراء الأضاحي، وتوجيههم نحو عدم التضحية، وهو ما أكده محمد جبلي، رئيس الفيدرالية المغربية للفاعلين في قطاع المواشي، موضحاً أنهم لم يتلقوا أي قرار رسمي يمنع البيع، ولكنهم كمهنيين ملتزمون بالقرار الملكي ويمتنعون عن بيع المواشي، وأشار إلى أن أغلب الراغبين في الشراء يتوجهون إلى الأسواق، حيث تدخل السلع، وإلى الآن لم يصدر أي بلاغ رسمي من وزارتي الداخلية والفلاحة، ولكن هناك توجيهات شفوية لحث الناس على الالتزام بالقرار الملكي، ووقف البيع في عدد من الأسواق.
الحقوق الجماعية مقابل الحقوق الفردية
في تصريح لهسبريس، أوضح إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، أن قرار منع بعض المواطنين من ذبح الأضحية يأتي في سياق حماية القطيع الوطني، وتماشياً مع التوجيهات الملكية السامية للحفاظ على الثروة الحيوانية كركيزة استراتيجية للأمن الغذائي، وأن الرابطة تعتبر هذا الإجراء ضمن الإطار القانوني والتنظيمي للدولة، وهو إجراء مشروع يستند إلى مبادئ حماية الحقوق الجماعية، التي قد تتطلب في بعض الحالات تقييد أو تعليق ممارسة بعض الحقوق الفردية، بشكل مؤقت ومتناسب، لتحقيق مصلحة عامة أكبر.
وأكد السدراوي أن الحقوق الفردية، كما هي مكفولة في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ومنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادتان 18 و19)، ليست مطلقة، بل يمكن تقييدها وفقًا للقانون، وبما لا يمس جوهرها، خاصة عندما يتعلق الأمر بحماية الصحة العامة، أو البيئة، أو النظام العام، وهي المبادئ نفسها التي تنطبق على هذا القرار.
وأبرز أن حق الأضحية، على الرغم من رمزيته الدينية والاجتماعية، لا يمكن اعتباره حقًا غير قابل للتقييد، خاصة عندما يتعلق الأمر بوقاية وطنية جماعية من خطر يهدد الثروة الحيوانية، وتفادي عودة أوبئة سبق أن خلفت آثارًا اقتصادية واجتماعية مدمرة، مثل الحمى القلاعية أو طاعون المجترات الصغيرة.
واختتم السدراوي تصريحه بدعوة السلطات المختصة إلى مواصلة اعتماد الشفافية، والتواصل الميداني، وتوفير البدائل العادلة، خاصة للفئات الهشة، وحث المواطنين على تفهم الطابع الوقائي والتضامني لهذا القرار، بما يعكس روح المواطنة المسؤولة ويكرس مناعة البلاد في مواجهة المخاطر الجماعية.
رسالة ملكية وتوجيه مجتمعي
من جهته، قال الباحث والكاتب منتصر حمادة إن المؤسسة الملكية قد تتوجه بين الحين والآخر إلى الرأي العام برسالة حول قضية مجتمعية، خاصة إذا كان الموضوع مرتبطًا بمحددات دينية وثقافية، كما رأينا في موضوع مدونة الأسرة في منعطفي 2004 و2024، أو عبر التدخل الملكي لإجازة ممارسة المرأة لمهنة كتابة العدل.
وأضاف في تصريح لهسبريس، أنه في الحالة الخاصة بأضحية العيد، وعلى الرغم من أن الأضحية سنة مؤكدة وليست فرضاً في المذهب المالكي، فإنها عند نسبة كبيرة من المغاربة تكاد تكون فرضاً، بل نشاهد ممارسات بعيدة أساساً عن المحدد الديني في التعامل معها، مثل اللجوء إلى القروض البنكية أو الاقتراض من المؤسسات والأقارب بسبب غلبة المحدد الثقافي/المجتمعي على نظيره الديني، وحتى لو كان الأمر يهم نسبة متواضعة في المجتمع، فإن هذه الممارسات قائمة فعلاً، وليس من قبيل الصدفة أن نرى إعلانات لمؤسسات بنكية خاصة بعيد الأضحى تحديداً.
وتابع قائلاً: “بتجميع كل هذه المعطيات، وجه الملك رسالة سامية وصريحة عنوانها عدم القيام بشعيرة ذبح أضحية العيد، وقد اختتمت بآية كريمة، أي آية “قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني”، ونقول هذا ونحن نأخذ في الاعتبار أن الملك في الحالة المغربية، هو أمير المؤمنين أيضاً، بمعنى آخر، حتى في حال استحضار الأثر الإسلامي الشهير، الذي جاء فيه أن “الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”، فإن السلطان في الحالة المغربية هو أمير المؤمنين أيضاً، وبالتالي تزداد مهابة الرسالة الصادرة هنا في الحالة المغربية.”
تفاعل الرأي العام والالتزام بالرسالة الملكية
إذن، كان متوقعاً بشكل تلقائي الاستجابة لمضامين الرسالة، دون الحديث عن الإكراهات التي تطلبت ذلك، والتي لا شك أن الرأي العام نفسه على علم بها، من قبيل:
* تأثير سنوات الجفاف،
* مؤشرات القدرة الشرائية،
* أرقام قطيع الغنم،
* وإكراهات أخرى،
حتى إن الرأي العام أعرب عن ارتياح جلي على هامش الإعلان الرسمي، عبر الرسالة الملكية، بخصوص عدم القيام بشعيرة ذبح أضحية العيد، ولم يصدر الارتياح عن الطبقات الفقيرة أو المعوزة فقط، وإنما حتى عن الطبقة المتوسطة، وهذا أمر دال.
وأضاف أن ما جرى عملياً بعد أسابيع من تلاوة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية لمضامين الرسالة الملكية حول الموضوع هو أننا شاهدنا ممارسات غير سوية في سياق التفاعل مع مقتضيات الرسالة نفسها، وهو ما كان يتطلب صدور تعليمات من وزارة الداخلية بهدف حث المواطنين على الالتزام المجتمعي بتلك المقتضيات، وكان يفترض في المؤسسات الإعلامية والمنصات الرقمية أن تكون حاضرة بوتيرة أكبر في معرض تزكية مضامين الرسالة الملكية، والرفع من وتيرة احترام مقتضياتها.