في تحرك يعكس حرص القضاء، أعلنت النيابة العامة مساء أمس عن كشف وتفكيك شبكات إجرامية متخصصة في تسريب امتحانات البكالوريا واستخدام تقنيات إلكترونية متطورة للغش، الأمر الذي أثار اهتمامًا واسعًا في الأوساط التربوية, وتأتي هذه الإجراءات في وقت مهم بالتزامن مع بدء هذا الاختبار المصيري للطلاب، مع مطالبات مستمرة بالحفاظ على نزاهة الامتحانات وتدعيم مبادئ الاستحقاق.
خطوة حاسمة نحو النزاهة
يرى خبراء التربية أن هذه الاعتقالات والمحاكمات تمثل منعطفًا حاسمًا لاستعادة قيمة الشهادة الوطنية ومواجهة أي محاولات لزعزعة الثقة بها، خاصة مع التطورات المقلقة في أساليب الغش، التي تحولت من تصرفات فردية إلى شبكات رقمية تستغل الامتحانات لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
تعتبر هذه التدخلات القضائية رسالة قوية لضمان تكافؤ الفرص بين الطلاب، والقضاء على أي محاولة للاستفادة بطرق غير قانونية.
تصريحات الخبراء وأهمية التوقيت
أكد جمال شفيق، الخبير التربوي والمفتش المركزي السابق، أن بيان النيابة العامة بشأن تفكيك شبكات الغش الإلكتروني “جاء في وقته، ويعكس مدى اهتمام السلطة القضائية بمكافحة أي محاولة للمساس بنزاهة امتحانات البكالوريا”
وشدد شفيق، في تصريح لهسبريس، على أن هذه المحاولات لتعطيل وتجاوز مبادئ المساواة من قبل مجموعات منظمة تستخدم التكنولوجيا بشكل غير قانوني تشكل تهديدًا حقيقيًا لهذا الحدث الوطني الهام بقيمته التربوية والاجتماعية.
وأضاف: “امتحانات البكالوريا ليست مجرد تقييم أكاديمي، بل هي لحظة وطنية ينتظرها الجميع بشغف، ويتمنون لأبنائهم النجاح عن طريق الاجتهاد والاستحقاق، وليس بالغش والخداع”
وانتقد الخبير التربوي سلوك البعض الذين “لا يمتلكون الحد الأدنى من القيم والأخلاق، ويستخدمون التكنولوجيا المتطورة في أمور تضر بالتعليم ومصداقية الامتحانات، بدلًا من استخدامها في تطوير أنفسهم ومجتمعهم”
وأكد شفيق أن البكالوريا هي أساس بناء الكفاءات الوطنية، مشيرًا إلى أن “النجاح الحقيقي يجب أن يكون نتيجة الجهد والتميز، ليتمكن الطلاب من إكمال دراستهم الجامعية بنجاح والمساهمة في تطوير الوطن”
- أهمية التصدي المبكر لهذه الظواهر.
- الدعوة إلى تطبيق قوانين صارمة لمكافحتها.
- توعية المجتمع بأخطار المساس بنزاهة الامتحانات الوطنية.
- التأثيرات التربوية والقيمية السلبية طويلة المدى المترتبة على الغش.
رؤية أكاديمية حول التدخلات القضائية
من جهته، أوضح الحسين زاهدي، الأستاذ الجامعي والخبير في السياسات التربوية، أن الإجراءات القضائية الأخيرة ضد شبكات الغش في البكالوريا “خطوة إيجابية وضرورية”، لما لها من تأثير مباشر في استعادة الثقة بالشهادة الوطنية وتعزيز مصداقيتها، خاصة في ظل “الأهمية الدولية لنزاهة الامتحانات”، مؤكدًا أن “الموضوع لم يعد محليًا فقط، بل يحظى باهتمام دولي واسع”
ويرى زاهدي، في تصريح لهسبريس، أن هذه التدخلات، بالإضافة إلى التغطية الإعلامية، يمكن أن تساهم في استعادة بعض الثقة في النظام التعليمي الوطني، الذي يواجه تحديات كبيرة على مستوى القيم والانضباط.
وأردف الخبير في السياسات التربوية: “للأسف، أصبح الغش يعتبره بعض الطلاب حقًا مشروعًا أو سلوكًا عاديًا لا يستدعي الخجل، بل يتباهون به أحيانًا، وهذا يدل على وجود خلل في القيم داخل المدارس”
وأشار إلى أن تحول الغش من مجرد محاولات فردية إلى شبكات منظمة تعمل كشركات ربحية يكشف عن “ظهور اقتصاد موازٍ” يعتمد على استغلال الامتحانات، مؤكدًا أن “الأمر لم يعد مجرد غش فردي، بل أصبح ظاهرة معقدة تُدار بتقنيات رقمية متطورة بهدف تقويض النظام التعليمي من الداخل”
وأكد زاهدي على ضرورة تبني استراتيجية شاملة لمكافحة هذه الظواهر تجمع بين تطبيق القانون، وتعزيز القيم، والتربية على النزاهة، داعيًا إلى مشاركة الأسر والمؤسسات التعليمية والإعلام في تعزيز ثقافة الاستحقاق والجدية، باعتبارها عناصر أساسية لأي إصلاح تعليمي مستدام.