في ذاكرة الإعلام.. عبدالعزيز النهاري.. ظلَّ المثقف الذي مرّ من هنا - نجد الاخبارية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
في ذاكرة الإعلام السعودي، لا تُذكر القامات إلا إذا تماهت مهنيتها مع إنسانيتها، وإذا أضاءت الحرف بالحكمة، والموقف بالتوازن، والصوت بالمعرفة. والدكتور عبدالعزيز النهاري، كان أحد أولئك الذين جمعوا بين اتساع العقل وصفاء القلب.

لم يكن فقط صحفياً أو أكاديمياً، بل كان مزيجاً نادراً من المثقف المتأمل، والمهني المنجز، والإنسان الرقيق الذي يعبر الحياة كما لو أنه يحرص على ألّا يكسر شيئاً من ودّها.

تدرّج في العمل الصحفي بهدوء الواثقين، حتى تسلم رئاسة تحرير صحيفة «البلاد»، وتولى لاحقاً رئاسة تحرير «عكاظ»، وكان لصوته فيها نبرة متزنة لا تستعرض ولا تتهرب، بل تُقنع وتحاور. لم يكن من أولئك الذين تُغريهم أضواء المانشيتات الصاخبة، بل آمن بأن الجدارة تُبنى على العمق لا على الوهج، وعلى التأثير المستمر لا الصعود المفاجئ.

ولعلّ أجمل ما في تجربة النهاري، أنها لم تُختصر في غرفة التحرير، بل تمددت إلى قاعات العلم. فقد كان أستاذاً جامعياً في علوم المكتبات والمعلومات، درَس في ميشيغان ولوس أنجليس، وعاد ليُعلّم لا ليتباهى، وليغرس لا ليستعرض. ومع كل هذا، لم يخلع رداء التواضع، بل بقي يوقّر زملاءه، ويمنح الشباب فرصهم، ويبارك نجاحاتهم بمحبة الأب، لا برؤية المتنافس.

في سنواته الأخيرة، ومع اشتداد المرض، لم يتخلّ عن الحضور، بل ظلّ يكتب، ويشارك، ويهمس بصوته الحكيم، حتى رحل، دون ضجيج، كما عاش.

عبدالعزيز النهاري، لم يكن فقط صحفياً، بل ذاكرة من وقار. لم يكن مجرد أكاديمي، بل ضمير للمعرفة. وكان نبيلاً في حضوره، نبيلاً في غيابه.

أخبار ذات صلة

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق