نطمح لتوجيه خبراتنا ومواردنا نحو مواجهة التحديات الأكثر إلحاحًا في المنطقة

اختُتمت فعاليات المؤتمر السنوي الأول لصندوق النقد الدولي للبحوث الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقد تضمن المؤتمر دعوة ملحة لتبني سياسات متكاملة تعتمد على الأدلة في سبيل مواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجه المنطقة، سواء كانت هذه التحديات قديمة أو جديدة.

المؤتمر الذي تم تنظيمه بالتعاون بين صندوق النقد الدولي والجامعة الأمريكية بالقاهرة في مايو 2025، مثّل منصة مهمة لإعداد دراسات وأبحاث معمقة تراعي الظروف الاقتصادية الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما استقبل المؤتمر مشاركة واسعة من صانعي السياسات والأكاديميين والمسؤولين الحكوميين والمفكرين من مختلف دول العالم، وذلك بهدف تضييق الفجوة بين المناقشات الاقتصادية العالمية وبين واقع المنطقة والتحديات التي تواجهها، فضلاً عن ذلك، يعكس المؤتمر شراكة فريدة بين صندوق النقد الدولي وإحدى الجامعات الرائدة في المنطقة، وهذا يعكس التزامًا مشتركًا لتعزيز العلاقة بين البحث الأكاديمي وتطوير السياسات.

 

أهمية المؤتمر من وجهة نظر الجامعة الأمريكية بالقاهرة

أكد رئيس الجامعة الأمريكية بالقاهرة، الدكتور أحمد دلال، على أهمية المؤتمر، مشيراً إلى أنه يمثل منصة حيوية لتعزيز التعاون بين الحكومات والمؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص، وأوضح الدكتور دلال أن “الهدف هو تطوير أفكار عالمية مستنيرة، ولكنها متأصلة بعمق في واقع منطقتنا”، كما أكد دلال على أن هذا النوع من الشراكات المتعددة الأطراف يمثل جوهر رسالة الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ويجسد التزامها بالبحث والتعليم والحوار المفتوح، باعتبارها عوامل أساسية لتحقيق الاستقرار وبناء القدرة على الصمود وتعزيز النمو الشامل.

محاور النقاش الرئيسية في المؤتمر

المناقشات التي دارت تحت عنوان “توجيه السياسات الاقتصادية الكلية والهيكلية في ظل مشهد اقتصادي عالمي متغير” ركزت على أربع قضايا رئيسية تؤثر في مستقبل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والاقتصاد العالمي.

• **السياسة المالية**: نظراً لوصول الدين العام إلى مستويات غير مسبوقة، شدد الخبراء على أهمية إعادة بناء الهوامش المالية، مع التركيز على معالجة أوجه عدم المساواة الاجتماعية، وتحديات الشيخوخة السكانية، والضغوط الناتجة عن تغير المناخ، وشملت المقترحات إجراء إصلاحات في الأطر المالية، واتخاذ إجراءات لتعزيز تعبئة الإيرادات، بما في ذلك من خلال فرض ضرائب على الشركات متعددة الجنسيات واعتماد نظام ضريبي أكثر تصاعدية.

• **السياسة النقدية**: استعرض المشاركون الدروس المستفادة من موجات التضخم الأخيرة، وأكدوا على أهمية اعتماد سياسات نقدية استباقية وشفافة، بهدف التعامل مع الصدمات العالمية والاضطرابات التي تؤثر على قطاعات محددة، خاصة في الأسواق الناشئة.

• **السياسة الصناعية**: شهدت الجلسات اهتمامًا متزايدًا بإعادة إحياء دور السياسة الصناعية كأداة لتعزيز النمو الشامل، والابتكار، والقدرة على التكيف مع تغير المناخ، وأكد المتحدثون على ضرورة تحقيق توازن بين الاستراتيجيات الرأسية والإصلاحات الأفقية، وذلك لتحفيز الاستثمار الخاص، ودعم التكامل التجاري، وزيادة الإنتاجية.

• **التحول الأخضر والذكاء الاصطناعي**: أثار التقاء العمل المناخي والتحول الرقمي نقاشًا معمقًا حول قدرتهما على إعادة تشكيل أسواق العمل، وركزت التوصيات على أهمية الاستثمار في رأس المال البشري، وتوفير شبكات أمان اجتماعي موجهة، وتكييف أدوات السياسات لدعم خلق فرص عمل في القطاعات منخفضة الانبعاثات.

 

خلال جلسات المؤتمر، كان هناك اتفاق واضح على أن تعزيز قدرة اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على الصمود يتطلب إجراء إصلاحات مؤسسية، وتعزيز التعاون عبر الحدود، واستثمارات مستدامة في المهارات والابتكار، وأكد المشاركون أيضاً على أهمية تكييف السياسات مع الواقع المحلي، وهو توجه تعهدت كل من مفوضية الاتحاد الأفريقي وصندوق النقد الدولي بدعمه في المستقبل.

 

بالإضافة إلى الأكاديميين والاقتصاديين البارزين من مختلف أنحاء العالم والمنطقة، والمسؤولين الحكوميين وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية، استضاف المؤتمر مجموعة من صانعي السياسات، بمن فيهم الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي في مصر، والدكتور يوسف بطرس غالي، عضو المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية في مصر، والدكتور محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة التنمية المستدامة 2030، ومارتن غالستيان، محافظ البنك المركزي الأرميني.

 

اختتم المؤتمر بكلمة لنائب المدير العام لصندوق النقد الدولي، نايجل كلارك، حيث صرح قائلًا: “يمثل هذا المؤتمر علامة فارقة تجسد التزام صندوق النقد الدولي بتعميق التعاون مع الأوساط البحثية والأكاديمية، وذلك في إطار سعينا لضمان أن يكون دعم الصندوق للدول الأعضاء ليس فقط مُستجيبًا لاحتياجاتها، بل قائماً أيضًا على تحليلات دقيقة ومجربة، ومتسقاً بالدرجة الأولى مع الواقع المحلي، ومن خلال هذا النوع من الحوار المتعدد الأطراف، نطمح إلى الوصول لفهم أعمق لكيفية توجيه خبراتنا ومواردنا نحو مواجهة التحديات الأكثر إلحاحًا في المنطقة”.

التوترات التجارية تخلق طبقات جديدة من التعقيد بالشرق الأوسط

 اختتمت فعاليات المؤتمر السنوي الأول لصندوق النقد الدولي للبحوث الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالتشديد على أهمية اعتماد سياسات شاملة ومبنية على الأدلة لمواجهة التحديات الاقتصادية الملحة التي تواجه المنطقة، سواء كانت قديمة أو جديدة، وقد كان هذا المؤتمر، الذي نظمه صندوق النقد الدولي بالتعاون مع الجامعة الأمريكية بالقاهرة في مايو 2025، بمثابة منصة رئيسية لإعداد دراسات معمقة تأخذ في الاعتبار الظروف الاقتصادية الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

حضور وازن من الخبراء وصناع القرار

شهد المؤتمر حضوراً مميزاً لصناع السياسات من مختلف دول العالم، بالإضافة إلى الأكاديميين والمسؤولين الحكوميين والمفكرين، وذلك بهدف تضييق الفجوة بين النقاشات الاقتصادية العالمية والواقع الفعلي والتحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط

دعوة لتعزيز التعاون الإقليمي

أوضح جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، أن التوترات التجارية وتزايد حالة عدم اليقين التي تؤثر على الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى النزاعات الإقليمية المستمرة ومخاطر التغير المناخي، تزيد من تعقيد الأمور أمام صانعي السياسات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ودعا أزعور إلى إنشاء منصة إقليمية للحوار وتبادل الأفكار، تربط منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمراكز بحثية عالمية المستوى، وذلك بهدف توفير تحليلات موثوقة ووضع حلول سياسية عملية ومبتكرة لمواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجه المنطقة، قديمة كانت أو جديدة، وأضاف: “نحن ممتنون للغاية للرئيس أحمد دلال والجامعة الأمريكية بالقاهرة على التزامهما بدعم الحوار والبحث والابتكار في السياسات داخل المنطقة”

Exit mobile version