
السعودية، ممثلة بالهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا”، تولي اهتمامًا بالغًا بتبني أحدث الحلول المبتكرة واستثمار إمكانات الذكاء الاصطناعي في شتى القطاعات الحيوية، مما يعكس رؤيتها الطموحة نحو مستقبل رقمي مزدهر.
تؤكد المملكة التزامها الراسخ بتطبيق أرقى المعايير العالمية والامتثال التام للقوانين والسياسات والتشريعات المتعلقة بإدارة الذكاء الاصطناعي، وذلك لضمان ترسيخ المبادئ الأخلاقية وتعزيز الاستخدام المسؤول، بالإضافة إلى حوكمة استخداماته المتنوعة لدعم مسيرة التحول الرقمي الشاملة، وكل ذلك يصب في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 الطموحة.
يأتي هذا الاهتمام المتزايد في ظل التطورات العالمية المتسارعة في استخدامات تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي باتت جزءًا لا يتجزأ من مختلف جوانب الحياة، سواء على مستوى المؤسسات أو الأفراد، وقد أفرز هذا الانتشار تحديات جمة دفعت دول العالم، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، إلى العمل الدؤوب على وضع أسس راسخة تضبط أخلاقيات هذه الاستخدامات وتنظم العمل بها، بما يعود بالخير على البشرية جمعاء.
قامت “سدايا” بدور محوري في تعزيز الوعي بالسياسات وأحكام الأنظمة واللوائح والقرارات ذات الصلة بالبيانات والذكاء الاصطناعي، كونها المرجع الوطني المختص بكل ما يتعلق بتنظيم وتطوير والتعامل مع البيانات والذكاء الاصطناعي في المملكة.
في عام 2024، أصدرت “سدايا” وثيقة “إطار تبني الذكاء الاصطناعي” كدليل إرشادي شامل يهدف إلى توفير إطار عمل متكامل لتبني الذكاء الاصطناعي في جميع القطاعات بالمملكة، وتسعى الوثيقة إلى وضع التوجهات والإرشادات اللازمة وتحديد الخطوات الرئيسية وفقًا لأفضل الممارسات العالمية، وذلك لضمان التبني الأمثل والمسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي وتحقيق النتائج المرجوة.
تساهم هذه الوثيقة بشكل فعال في بناء مجتمع معرفي متين يقوم على الابتكار والتطوير المستمر، كما تقدم التوجيهات والإرشادات الضرورية وتحدد الخطوات والإجراءات الهامة وفقًا للمعايير العالمية المتميزة، وذلك بهدف ضمان التبني الأمثل والمسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي وتحقيق خطوات ناجحة في مسيرة التحول نحو استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في المملكة، بما يحقق أقصى استفادة ممكنة منها.
وقد حصلت “سدايا” على اعتماد منظمة الآيزو العالمية “ISO 42001:2023” لعام 2024، وهي الجهة المعنية بأنظمة إدارة الذكاء الاصطناعي، لتكون بذلك أول جهة على مستوى العالم تحصل على هذا الاعتماد المرموق، وذلك تقديرًا لتطبيقها مجموعة من المعايير والممارسات المتميزة في مجال إدارة الذكاء الاصطناعي، وتؤكد هذه الخطوة ريادة المملكة وتميزها في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي على الصعيد العالمي.
تعتبر مواصفة منظمة الآيزو “ISO 42001” الأولى من نوعها على مستوى العالم في مجال نظام إدارة الذكاء الاصطناعي، ويأتي حصول “سدايا” عليها تتويجًا لمسيرة حافلة بالاعتمادات الدولية في المجالات المتعلقة بالبيانات والذكاء الاصطناعي.
وفي استمرار لمسيرة التميز السعودي على الصعيد الدولي، أقرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بشراكتها الإقليمية مع المملكة في مجال سياسات الذكاء الاصطناعي، وهي المنظمة الرائدة عالميًا في مجال سياسات ومبادرات الذكاء الاصطناعي الموثوق، ويعزز هذا الاعتراف من دور المملكة الريادي على المستويين الإقليمي والعالمي في مجال حوكمة الذكاء الاصطناعي.
أعلنت المنظمة مؤخرًا عن انضمام المملكة، ممثلة في “سدايا”، إلى توصيتها بشأن الذكاء الاصطناعي، التي تُعد أول معيار دولي في هذا المجال، وتهدف هذه التوصية إلى تعزيز الابتكار وبناء الثقة في تقنيات الذكاء الاصطناعي من خلال تطبيق الحوكمة المسؤولة لهذه التقنيات، بما في ذلك تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي والعام.
على الصعيد المحلي، أعلنت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” عن إطلاق أداة التقييم الذاتي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي عبر منصة حوكمة البيانات الوطنية، وتهدف هذه الأداة إلى مساعدة الجهات الحكومية والخاصة، بالإضافة إلى المطورين الأفراد، في قياس مدى التزامهم بالمبادئ الأخلاقية عند تطوير وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي، كما تهدف إلى تمكين هذه الجهات من إجراء تحليل منهجي وشامل لمدى التزامها بالمعايير الأخلاقية.
تعزز أداة التقييم الذاتي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي من قدرة الجهات على تعزيز الشفافية والموثوقية في تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتحقيق التوافق مع أفضل الممارسات العالمية، كما تساهم هذه الأداة في ضمان تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي تخدم المجتمع وتعزز من مكانة المملكة.
تولي الأداة اهتمامًا خاصًا بتحقيق المزايا الاجتماعية والبيئية من خلال إحداث تأثير إيجابي على المجتمع والبيئة، بالإضافة إلى حماية الخصوصية وضمان أمان بيانات الأفراد، وتركز الأداة أيضًا على الموثوقية والسلامة لضمان عمل الأنظمة بكفاءة، وتعزيز الشفافية والقابلية للتفسير لتمكين الفهم الواضح لآليات عمل النماذج وقراراتها.
في السياق ذاته، أصدرت “سدايا” تقريرًا متخصصًا حول “التحيز في أنظمة الذكاء الاصطناعي”، بهدف تسليط الضوء على التحديات التي تواجه تطوير وتبني أنظمة الذكاء الاصطناعي، وذلك في ظل التوسع المطرد الذي تشهده العديد من الدول والمنظمات والشركات العالمية في تفعيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي في عدد من القطاعات الحساسة والحيوية، وما يرافق ذلك من قلق متزايد بشأن تسرب التحيز إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي، وخاصة تلك المرتبطة باتخاذ القرارات.