أعلنت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، عن خطة طموحة لتحويل كامل ساحل البحر الأحمر إلى محمية طبيعية متكاملة، وذلك بهدف الحفاظ على ما تبقى من كنوز الشعاب المرجانية الفريدة وتعزيز مفهوم الاستدامة البيئية، مؤكدة أن حوالي نصف هذه الشعاب المرجانية الثمينة يقع بالفعل تحت حماية المحميات الطبيعية، وبالتحديد في الجزر الشمالية.
وأوضحت وزيرة البيئة، خلال حوارها مع قناة “إكسترا نيوز”، أن هذا الإعلان التاريخي لا يهدف بأي حال من الأحوال إلى عرقلة الاستثمار أو إيقاف عجلة التنمية، بل هو دعوة لإدارة الموارد الطبيعية بكفاءة واستدامة، مشيرة إلى أن السياحة بأنواعها المختلفة تعتمد بشكل أساسي على الثراء البيئي الذي يميز البحر الأحمر، والذي يعتبر من آخر المعاقل التي لا تزال شعابها المرجانية تقاوم التغيرات المناخية، خاصة في منطقة خليج العقبة.
وأضافت الوزيرة قائلة: “إذا فقدنا هذه الثروات الطبيعية، سنفقد بلا شك أحد أهم ركائز الاقتصاد والسياحة في بلادنا، وبالتالي يجب علينا حمايتها بكل السبل للحفاظ على الناتج المحلي الإجمالي وتعزيز النمو في المجتمعات المحلية”.
وفي سياق متصل بالاستثمار داخل حدود المحميات، أكدت وزيرة البيئة أن القانون لا يضع أي قيود على الاستثمار، ولكنه يشترط فقط أن يكون الاستثمار متوافقًا مع طبيعة المحمية وخصائصها البيئية، وأشارت إلى أن وزارة البيئة تمنح تراخيص لممارسة مختلف الأنشطة داخل المحميات لمدة تتراوح بين 10 و 15 عامًا، وذلك بعد إجراء دراسة جدوى بيئية واقتصادية شاملة.
كما أوضحت أن المنشآت التي يتم إنشاؤها داخل المحميات يجب أن تعتمد على مواد طبيعية في بنائها، وتستخدم الطاقة الشمسية النظيفة، مع منع أي صرف صحي أو استخدام خزانات قد تضر بالبيئة، مؤكدة أن الوزارة تولي اهتمامًا كبيرًا بمتابعة التنفيذ بدقة لضمان عدم حدوث أي ضرر للبيئة، خاصة في ملفات حساسة مثل إدارة المخلفات.
وقد قدمت الوزيرة مثالًا حيًا على ذلك من خلال مشروع “نُزل بيئي” متكامل تم إنشاؤه بالفعل داخل إحدى المحميات الطبيعية في الفيوم، والذي يوفر الإقامة والمأكل والمشرب والعديد من الأنشطة الترفيهية، دون أي تأثير سلبي على البيئة المحيطة.
وتطرقت الوزيرة في حديثها إلى محمية نبق، واصفة إياها بأنها نموذج فريد يجمع بين روعة الجبال، وجمال البحر، وسحر الرمال، والمساحات الخضراء المبهجة، بالإضافة إلى أشجار المانجروف النادرة، التي أكدت أنها لا تنمو في أي مكان آخر سوى بيئتها الأصلية.
وأكدت أن جميع المحاولات التي بُذلت لزراعة أشجار المانجروف في مواقع أخرى قد باءت بالفشل الذريع، مما يعكس مدى خصوصية النظام البيئي في محمية نبق، وضرورة الحفاظ على التوازن الطبيعي الدقيق الذي خلقه الله سبحانه وتعالى، محذرة من أن أي تدخل بشري غير مدروس قد يؤدي إلى خلل بيئي خطير، ستكون له عواقب وخيمة على الطبيعة.