انطلقت اليوم الاثنين في مختلف ربوع المملكة فعاليات الدورة العادية للامتحان الجهوي الخاص بالسنة الأولى من سلك البكالوريا، على أن تستمر ليوم غد الثلاثاء، وسط أجواء مشحونة بالاجتهاد والتنافس، هذا الحدث التعليمي الهام يمثل محطة مفصلية في مسار الطلاب الدراسي، ويشكل تحديًا جديدًا وفرصة لإبراز قدراتهم المعرفية والتحصيلية، وبذل أقصى الجهود لتحقيق النجاح المأمول، واثبات جدارتهم بالانتقال إلى المرحلة التالية من تعليمهم الثانوي، والمضي قدمًا نحو تحقيق طموحاتهم الأكاديمية والمهنية
توافد الآلاف من التلاميذ المترشحين، من مختلف المسالك والشعب الدراسية، على المراكز المخصصة لاجتياز هذا الامتحان المصيري، الذي يمثل محطة هامة تسبق الامتحان الوطني الموحد للسنة الثانية بكالوريا بيومين فقط، حيث من المرتقب أن تنطلق فعاليات هذا الأخير يوم الخميس المقبل، وسط ترقب كبير من الطلاب وأسرهم، وتأهب من الجهات المعنية لضمان سير الامتحانات في أفضل الظروف، وتحقيق تكافؤ الفرص لجميع المترشحين
استعدادات مكثفة من وزارة التربية الوطنية
استبقت مصالح وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة هذه الامتحانات الهامة باستعدادات مكثفة، شملت تجهيز المراكز المخصصة لها بكل الوسائل اللوجستية والبشرية اللازمة، وإطلاق حملات تحسيسية واسعة النطاق تهدف إلى الحد من ظاهرة الغش التي تهدد مصداقية الامتحانات وتكافؤ الفرص بين التلاميذ، وقد عبأت الوزارة جميع طاقاتها وإمكانياتها لضمان سير الامتحانات في أجواء يسودها النزاهة والشفافية، وتمكين جميع المترشحين من إبراز قدراتهم الحقيقية وتحقيق النجاح المستحق
أشرف المدراء الإقليميون للوزارة، جنبا إلى جنب مع رؤساء مراكز الامتحان، على إعطاء إشارة انطلاق الدورة العادية لامتحانات السنة الأولى بكالوريا، وذلك في إطار الالتزام بالتدابير المعمول بها والمتعارف عليها في مثل هذه المناسبات، حيث قامت المديرية الإقليمية للوزارة بسيدي سليمان بتخصيص 19 مركزا خاصا لاستقبال المترشحين وتوفير الظروف الملائمة لإجراء الامتحانات في أفضل الظروف، بما يضمن سير العملية الامتحانية بسلاسة وفاعلية
المواد الدراسية الممتحنة
على سبيل المثال لا الحصر، يجتاز المترشحون الذين يتابعون دراستهم بشعبة الآداب والعلوم الإنسانية هذه الامتحانات في مواد متنوعة تشمل اللغة الفرنسية، والرياضيات، والتربية الإسلامية، بينما يخضع تلاميذ شعبة العلوم التجريبية لاختبارات في مواد التاريخ والجغرافيا، واللغة العربية، والتربية الإسلامية، بالإضافة إلى اللغة الفرنسية، ما يعكس التنوع المعرفي والمهاري الذي يسعى الامتحان الجهوي إلى تقييمه لدى التلاميذ، ومدى استعدادهم للانتقال إلى المرحلة اللاحقة من تعليمهم الثانوي
يحظى الامتحان الجهوي للسنة الأولى بكالوريا باهتمام بالغ من قبل التلاميذ في المغرب، نظرا للدور المحوري الذي يلعبه في احتساب المعدل العام المؤهل لنيل شهادة البكالوريا، حيث تبلغ نسبة تأثيره 25 في المائة من المعدل النهائي، ما يجعله محطة حاسمة في مسارهم الدراسي، ومحفزا لهم على الاجتهاد والمثابرة لتحقيق أفضل النتائج، وضمان الحصول على الشهادة التي تفتح لهم أبواب التعليم العالي وفرص العمل المستقبلية
من المنتظر أن تُجرى الدورة الاستدراكية من هذا الامتحان يومي 30 يونيو وفاتح يوليوز المقبلين، كفرصة ثانية للتلاميذ الذين لم يتمكنوا من اجتياز الدورة العادية بنجاح، في حين ستُجرى الدورة الاستدراكية للامتحان الوطني الموحد أيام 03 و04 و05 يوليوز المقبل، لتمكين جميع المترشحين من تحقيق حلم الحصول على شهادة البكالوريا، والانطلاق نحو تحقيق طموحاتهم الأكاديمية والمهنية
قانون مكافحة الغش
يحدد القانون رقم 0213، الصادر سنة 2013، العقوبات الرادعة التي تنتظر المتورطين في الغش في مثل هذه الامتحانات، وذلك في ظل الجهود الحثيثة التي تبذلها الوزارة والمجتمع المدني لوقف استفحال هذه الظاهرة التي تهدد مصداقية الامتحانات وتكافؤ الفرص بين التلاميذ، فالقانون يهدف إلى ردع المخالفين وحماية نزاهة الامتحانات، وضمان حصول كل مترشح على حقه العادل في التقييم، دون تمييز أو تحيز
ينص هذا القانون بوضوح على أن مرتكب الغش يعاقب بالحبس لمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر وسنتين، بالإضافة إلى غرامة مالية تتراوح بين 1000 و20000 درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وذلك في حالة تسريب مواضيع الامتحان للغير قبل إجرائه، أو المساعدة في الإجابة عنها، ما يعكس خطورة هذه الأفعال وتأثيرها السلبي على سير الامتحانات ومصداقيتها
كما يُعاقَب بالغرامة من 2000 إلى 5000 درهم كل من قام بتبادل المعلومات كتابيا أو شفويا أو بأي وسيلة أخرى بين المترشحات والمترشحين، أو حاز أو استعمل الآلات والوثائق والمخطوطات غير المرخص بها، أو استعمل الوسائل الإلكترونية كيفما كان شكلها أو نوعها، سواء كانت مشغلة أم غير مشغلة داخل فضاء الامتحان، ما يؤكد حرص القانون على منع أي محاولة للغش أو التحايل، وضمان تكافؤ الفرص بين جميع المترشحين
على الرغم من العمل بهذه النصوص القانونية الصارمة منذ سنوات، إلا أن المراقبين والمهتمين بسير الامتحانات الإشهادية في المغرب يؤكدون في كل سنة استمرار لجوء نسب معينة من التلاميذ إلى خيار الغش، بدلا من الالتزام بمبادئ النزاهة وتكافؤ الفرص، ما يستدعي تضافر الجهود بين جميع الأطراف المعنية، من وزارة التربية الوطنية والأسر والمجتمع المدني، لترسيخ قيم النزاهة والأمانة والاجتهاد في نفوس التلاميذ، وتحفيزهم على الاعتماد على قدراتهم الذاتية لتحقيق النجاح والتفوق