«استثمارات ضخمة» الاتصالات: 150 مليار جنيه لدعم البنية الرقمية وربط 25 ألف مبنى حكومى رقميًا

«استثمارات ضخمة» الاتصالات: 150 مليار جنيه لدعم البنية الرقمية وربط 25 ألف مبنى حكومى رقميًا

استضافت جمعية المهندسين المصرية، بقيادة المهندس أسامة كمال وزير البترول الأسبق، ندوة قيمة تحت عنوان “واقع وآفاق الرقمنة والذكاء الاصطناعي في مصر”، وقد تألقت الدكتورة غادة لبيب، نائب وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للتطوير المؤسسي، كمحاضرة رئيسية، وبحضور المهندس فاروق الحكيم الأمين العام، والدكتور مصطفى شعبان نائب رئيس الجمعية، ونخبة من أعضاء مجلس الإدارة.

ألقى المهندس أسامة كمال، رئيس الجمعية ووزير البترول الأسبق، الضوء على الجهود الحثيثة التي بذلتها جمعية المهندسين المصرية على مدار عامين كاملين في سبيل تصميم وإنشاء منصة رقمية تفاعلية متكاملة داخل أروقة الجمعية، مؤكدًا أن الهدف الأسمى لم يكن يقتصر على مجرد عرض الندوات العلمية أو تسجيل الأعضاء الجدد، بل يمتد ليشمل توثيق تاريخ الجمعية العريق والغني بالإنجازات وجعله متاحًا بصورة رقمية عصرية تليق بمكانتها المرموقة، وأوضح أن ما يميز الدول المتقدمة، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، هو قدرتها الفائقة على تحويل قواعد البيانات الضخمة إلى معلومات قيمة تثمر تقارير دقيقة تساعد صانع القرار على اتخاذ القرارات الصائبة، وهو الأمر الذي لا يزال يشكل تحديًا كبيرًا أمام العديد من الدول النامية، مما يؤدي إلى توسيع الفجوة الرقمية والمعرفية بينها وبين الدول المتقدمة.

أوضح “كمال” أن مقاومة التغيير تظل أحد أكبر التحديات التي تواجه مسيرة التحول الرقمي، خاصة في بلد عريق كمصر، حيث يغلب على المؤسسات النظام الورقي التقليدي والبيروقراطية، وهو ما يشكل عائقًا حقيقيًا أمام تحقيق التحول الرقمي المنشود، وأشار إلى أن غياب قاعدة بيانات موحدة وشاملة وعقلية منفتحة ومتقبلة للتغيير كان سببًا رئيسيًا في إخفاق مشروع الكروت الذكية الذي كان يهدف إلى تحويل الدعم السلعي إلى دعم نقدي مباشر للمواطنين، لافتًا إلى أن كل جهة معنية كانت تسعى جاهدة للسيطرة على المنظومة بأكملها، بدلًا من توحيد الجهود وتضافرها لخدمة المواطن وتلبية احتياجاته.

حمل “كمال” جماعة الإخوان الإرهابية المسؤولية الكاملة عن إفشال تجربة الانتخاب الإلكتروني التي كانت مقررة داخل نقابة المهندسين في عامي 2012 و2013، مشيرًا إلى أنها كانت تصر إصرارًا شديدًا على الإبقاء على نظام التصويت التقليدي القديم حفاظًا على قدرتها على التأثير في نتائج صناديق الاقتراع والتلاعب بها.

من جانبه، أشاد المهندس فاروق الحكيم، الأمين العام للجمعية، بالدور المحوري والفاعل الذي تقوم به وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في بناء قدرات الكوادر البشرية المصرية الشابة وتأهيلها لمواكبة متطلبات الثورة الصناعية الرابعة، بما يسهم بشكل فعال في تنفيذ خطة التطوير المؤسسي الطموحة ومشروعات التحول الرقمي والرقمنة على مستوى الدولة ككل، وتحقيق الرؤية الإستراتيجية لمصر للتنمية المستدامة 2030.

قامت الدكتورة غادة لبيب بتقديم عرض شامل ومفصل لإنجازات الدولة المصرية في مجال التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، وأكدت في كلمتها أن الدولة المصرية، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد وضعت منذ عام 2014 قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في صدارة الأولويات الوطنية، موضحة أن الدولة باتت تنظر إلى هذا القطاع الحيوي باعتباره قطاعًا استراتيجيًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ليس فقط على المستوى التقني والتكنولوجي، بل باعتباره قاطرة حقيقية لعملية التحول الرقمي الشاملة، ومحركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي والإنتاجي والخدمي في آن واحد.

توقعت لبيب أن يضيف الذكاء الاصطناعي ما يقرب من 15 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030، وأن يوفر حوالي 58 مليون فرصة عمل جديدة في مختلف أنحاء العالم، لافتة إلى أن التحول الرقمي لم يعد مجرد خيار ترفيهي، بل أصبح ضرورة وطنية ملحة لا يمكن الاستغناء عنها، ومؤكدة أن التنمية الحقيقية والنهضة الشاملة في هذا العصر لا يمكن أن تنفصل بأي حال من الأحوال عن التطور التكنولوجي المتسارع، خاصة في ظل التغيرات السريعة والمتلاحقة التي يشهدها العالم في مجالات الحوكمة الذكية، والخدمات الرقمية المبتكرة، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي المتنوعة.

أبرزت لبيب حجم الاستثمارات الضخمة التي ضختها الدولة في تطوير البنية التحتية الرقمية، والتي تجاوزت 150 مليار جنيه مصري، بهدف رفع كفاءة الإنترنت الثابت في جميع أنحاء الجمهورية، وإنشاء شبكة كابلات ألياف ضوئية متطورة وذات سرعات فائقة، وربط أكثر من 25 ألف مبنى حكومي رقميًا على مستوى الجمهورية.

أشارت لبيب إلى أن الوزارة تواصل جهودها الدؤوبة والمستمرة ضمن مبادرة “حياة كريمة” الرئاسية لتطوير القرى المصرية، حيث تستهدف توصيل الإنترنت فائق السرعة إلى أكثر من 4500 قرية في مختلف المحافظات، مع رفع كفاءة خدمات الاتصالات والأبراج، بما يحقق مبدأ العدالة الرقمية، ويعزز من الدمج المجتمعي والتنموي بين الريف والحضر، مؤكدة أن الذكاء الاصطناعي بات يمثل ركيزة أساسية في خطط الدولة التنموية، ومشيرة إلى أنه لم يعد حكرًا على قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وحده، بل أصبح عنصرًا فاعلًا ومؤثرًا في تطوير قطاعات حيوية أخرى مثل التعليم، الصحة، النقل، الزراعة، والصناعة.

أعربت لبيب عن سعادتها البالغة بالتعاون المثمر والبناء مع مؤسسة حياة كريمة في تنفيذ محور بناء القدرات ومحو الأمية الرقمية ضمن جهود وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في إطار المبادرة الرئاسية “حياة كريمة”، لافتة إلى أن ذلك يأتي في إطار الجهود المبذولة لسد الفجوة الرقمية المتزايدة بين الريف والحضر وذلك من خلال نشر الثقافة الرقمية، وبناء المهارات الرقمية اللازمة، والتمكين الاقتصادي الرقمي للمواطنين في المناطق الريفية.

تحدثت “نائب وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات” عن الخطوات الجادة والملموسة التي اتخذتها الوزارة منذ عام 2019، بدءًا من تشكيل “المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي”، ومرورًا بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، وصولاً إلى إصدار “الميثاق الوطني للذكاء الاصطناعي المسؤول”، والذي يؤكد على أهمية الاستخدام الأخلاقي والآمن للتقنيات الذكية وتجنب مخاطرها المحتملة.

استعرضت لبيب المحاور الأربعة الرئيسية التي ترتكز عليها الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى إطلاق النسخة الثانية المحدثة منها، والتي ترتكز على ستة محاور أساسية هي: البنية التحتية المعلوماتية المتطورة الخاصة بالذكاء الاصطناعي، إدارة البيانات وتحليلها بكفاءة وفعالية، تطوير منظومات تطبيقية مبتكرة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الحيوية، تنمية الكوادر والمهارات المتخصصة في هذا المجال، تشجيع الإبداع وريادة الأعمال في مجال الذكاء الاصطناعي، وأخيرًا وضع إطار حوكمي وتشريعي متكامل ينظم عمل الذكاء الاصطناعي داخل الدولة ويضمن استخدامه الأمثل.