«انطلاقة واعدة للتعليم العربي» بدء فعاليات مؤتمر الألكسو الرابع عشر لوزراء التربية والتعليم العرب
انطلقت فعاليات مؤتمر الألكسو الرابع عشر لوزراء التربية العرب، تحت عنوان “التعليم الشامل وتطوير المعلمين: رؤية استراتيجية للتعليم في العالم العربي”، بتنظيم من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، وبالتعاون الوثيق مع وزارة التعليم والتعليم العالي واللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم, وذلك بهدف رسم ملامح مستقبل التعليم في المنطقة العربية.
في كلمته الافتتاحية، أكد الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي، وكيل وزارة التعليم والتعليم العالي، أن هذا المؤتمر يمثل منصة استثنائية لتبادل الخبرات بين القيادات التربوية وعرض التجارب الناجحة واستكشاف المزيد عنها, كما يتيح المؤتمر فرصة قيّمة لبناء شراكات فاعلة مع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية في مجال التعليم.
أشار الدكتور النعيمي إلى أن أهمية العمل المشترك تتزايد في ظل التحديات التي تواجه بعض الدول العربية نتيجة الأزمات والصراعات، وذلك لضمان توفير تعليم جيد وشامل للجميع, وأكد أن التعليم هو الأداة الأساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة الهدف الرابع الذي يركز على ضمان تعليم عالي الجودة وشامل للجميع وتحسين فرص التعلم مدى الحياة.
وشدد على أن التعليم ليس مجرد وسيلة لنقل المعرفة، بل هو حجر الزاوية الذي يمكّن الأفراد من تحقيق كامل إمكاناتهم ويعزز رفاهية المجتمع بأكمله, كما أكد على أهمية التعليم الشامل الذي يصل إلى كل فرد دون تمييز، بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الإعاقة أو الوضع الاقتصادي.
وأوضح أن تحقيق التعليم الشامل يتطلب تبني استراتيجيات مبتكرة تتجاوز حدود الفصول الدراسية التقليدية, وأكد على ضرورة توفير بيئات تعليمية داعمة لجميع الطلاب، بمن فيهم الذين يواجهون تحديات فريدة، مما يسهم في بناء مجتمعات قوية ومتماسكة وتعزيز قيم التسامح والاحترام المتبادل.
وذكر أن الاستراتيجية الوطنية الثالثة لدولة قطر (2024-2030) تولي اهتماماً كبيراً لتوفير نظام تعليمي عالمي المستوى يضمن تكافؤ الفرص للجميع، وذلك من خلال تمكين المتعلمين من اكتساب المهارات والكفاءات اللازمة لتطوير قدراتهم وتحسين مجتمعاتهم والمساهمة في تحقيق مستقبل مستدام قائم على اقتصاد المعرفة.
وأكد على أنه مع التطورات المتسارعة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار، أصبح من الضروري توفير أنظمة تعليمية مرنة وقادرة على مواكبة هذا التقدم، مع التصدي للتحديات المرتبطة بالاستخدام غير الآمن للتكنولوجيا.
وأضاف أن وزارة التعليم والتعليم العالي في قطر أطلقت الاستراتيجية الوطنية للتعليم الإلكتروني في عام 2022، والتي تضمنت عدة مبادرات رئيسية مثل منصة قطر للتعليم ومناهج الأمن السيبراني، وذلك بهدف تعزيز التحول الرقمي وضمان الاستخدام الآمن للتكنولوجيا.
وأشار إلى أن النهوض بالتعليم لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال وضع المعلمين في مقدمة الأولويات، وتمكينهم من أداء مهامهم بما يتماشى مع التطورات المتسارعة في الاتجاهات التعليمية الحديثة, ولفت إلى أهمية تزويد المعلمين بالكفاءات المهنية وضمان مواكبة برامج التطوير لأحدث الاتجاهات التعليمية، ودعمهم المستمر طوال مسيرتهم المهنية، وتعزيز بناء مجتمعات التعلم المهنية التي تعمل على تحسين التعاون والتواصل بينهم.
وأكد استعداد الوزارة لتقديم مبادرات تدريبية نوعية مثل برنامج “تجارب” وبرنامج “تمكين” و”ترخيص”, بالإضافة إلى إصدار الرخص المهنية للمعلمين ومديري المدارس، وشدد على أهمية بناء شبكة قوية من المعلمين والمهنيين التربويين والاستثمار في المنصات الرقمية التي تسهم في التبادل الفعال للمعرفة والخبرات.
وأوضح وكيل وزارة التعليم والتعليم العالي أن الالتزام بتعزيز التعليم الشامل ومحو الأمية الرقمية لا يقتصر على الحكومات فحسب، بل يتطلب أيضاً مساهمة فعالة من مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص.
من جانبه، أشاد الدكتور رامي إسكندر، مدير قطاع التعليم بالمنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة، بدور دولة قطر الرائد في دعم القضايا التعليمية على المستويين الوطني والعربي من خلال مبادراتها النوعية وشراكاتها البناءة لتحسين جودة التعليم وتعزيز تطوره.
وأوضح أن عنوان المؤتمر “التعليم الشامل وتطوير المعلمين: رؤية استراتيجية للتعليم في العالم العربي” ليس مجرد عنوان، بل هو رسالة ذات معنى عميق تعكس التحديات والتطلعات المشتركة, وأشار إلى أن اختيار هذا العنوان من قبل وزراء التربية والتعليم في الدول العربية يؤكد أهميته وانسجامه مع الاستراتيجيات والخطط الوطنية في مجال التعليم، فضلاً عن نهج الألكسو الفكري في الرهان على قطاع التعليم في الدول العربية وجعله محور جهود التنمية المستدامة.
وأشار إلى أن التعليم يشهد تحولات غير مسبوقة، ومع إدراكنا لعمق التحديات التي نواجهها، فإننا نثمن الفرص الهامة التي تتيحها هذه الاجتماعات العربية المشتركة لتعزيز التشاور والتعاون العربي, والجهود المبذولة لتحقيق النجاح تستحق التقدير الكبير.
وأكد أن التعليم الشامل هو برنامج عربي طموح يتضمن مجموعة من المشاريع والأنشطة المتنوعة التي تهدف الألكسو من خلالها إلى تقديم خطط واستراتيجيات وبرامج تدريبية تدعم الجهود الوطنية لتوفير أنظمة تعليمية قادرة على تطبيق مبدأ تحقيق تكافؤ الفرص والمساواة وضمان العدالة التعليمية.
وأضاف أن هذه الجهود ستسهم في تعزيز مسيرة التحول في التعليم بما يتماشى مع مخرجات القمة الدولية لتحويل التعليم 2022 وأهداف التنمية المستدامة 2030، وذلك لتحقيق الإدماج الاجتماعي وتعزيز قيم التسامح والتعايش وبناء مجتمعات أكثر تماسكاً وقادرة على مواجهة التحديات.
وفيما يتعلق بتمكين المعلمين، أشار إلى أن هذا الملف يمثل جوهر العملية التعليمية وأحد أهم المداخل لتطوير التعليم وتحويله, وأضاف أن المعلم ليس مجرد ناقل للمعرفة، بل هو مصدر إلهام وتحفيز للتغيير الاجتماعي.
وأكد أن تمكين المعلمين من خلال توفير بيئة عمل مناسبة لهم وتوفير التدريب المستمر وضمان مكانتهم في المجتمع هو حجر الزاوية في أي إصلاح تعليمي ناجح, وبالإضافة إلى تحسين الوضع الاجتماعي للمعلمين، يجب إشراكهم في عملية صنع القرار التربوي ومنحهم الفرصة ليكونوا شركاء حقيقيين في تطوير السياسات التعليمية.
ومن جانب آخر، أشاد بالتزام المنظمة بدعم التعليم في العالم العربي من خلال رؤى استشرافية تعتمد على تحليل شامل للتحديات والاستثمار في الفرص، مع التركيز على ثلاثة مجالات رئيسية هي تطوير الاستراتيجيات التعليمية التي تستشرف المستقبل وتواكب التغيرات التكنولوجية والاجتماعية المتسارعة, ومع وضع التحول الرقمي على رأس الأولويات، تهدف المنظمة إلى تعزيز جهود الدول العربية في استخدام التكنولوجيا في التعليم وتوفير أدوات مبتكرة تساعد على تحسين نتائج التعلم.
وأشار إلى أن المحور الثاني يتمثل في تعزيز التعاون بين الدول العربية في مجال التعليم من خلال إنشاء منصات للتواصل وتبادل الخبرات بين صناع القرار والمتخصصين في التعليم وتنفيذ مشاريع مشتركة لتحقيق التكامل العربي في هذا المجال, أما المحور الثالث فيركز على الاستثمار في تطوير قدرات المؤسسات التعليمية من خلال برامج تهدف إلى رفع كفاءتها وتزويدها بالمهارات اللازمة.
وأوضح أن المؤتمر سيناقش وثيقة رئيسية بعنوان “التعليم الشامل وتمكين المعلمين: رؤية استراتيجية للتعليم في العالم العربي”، وهي وثيقة تتضمن رؤية مقترحة من الألكسو لتكون مرجعاً للدول العربية, كما سيتم استعراض خمس وثائق مرجعية تغطي برنامج التعليم الشامل من زوايا مختلفة، بهدف أن تكون مرجعاً تربوياً يسلط الضوء على دعم المهارات المهنية للمعلمين وقادة المدارس والمشرفين في مجال التحول الرقمي، ومواصلة تطوير تدريس المواد الفنية في التعليم العام وإبراز دور اللغة العربية في الحفاظ على الهوية الثقافية.
وأعرب عن أمله في أن يناقش المؤتمر هذه القضايا ويضع توصيات عملية لوزارات التربية والتعليم في الدول العربية لتطوير أنظمتها التعليمية، وأن تشكل هذه التوصيات خارطة طريق للألكسو وشركائها الاستراتيجيين لمشاريع مستقبلية تدعم الجهود الوطنية.
وفي ختام كلمته، ثمن الدكتور رامي إسكندر، مدير قطاع التعليم بالمنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة، جهود دولة قطر في استضافة هذا المؤتمر، مؤكداً أن ذلك يعكس التزامها الراسخ بأهمية التعليم كأداة للتنمية المستدامة، ويؤكد ريادة الدولة في تبني المبادرات التي تعزز مكانة التعليم كحق أساسي وطريق للتقدم الاجتماعي والاقتصادي.