«بمناسبة إطلاق الخطة» رئيس الوزراء يلقي كلمة في حفل إطلاق خطة العمل الوطنية لمكافحة الهجرة غير النظامية

ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كلمة مسجلة خلال حفل إطلاق خطة العمل الوطنية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية، وشهد الحفل حضور السفيرة نائلة جبر، رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، بالإضافة إلى عدد من السفراء وممثلي المنظمات الدولية العاملة في مصر، مما يعكس الاهتمام الدولي والمحلي بهذا الملف المهم.
وفي بداية كلمته المسجلة، أعرب رئيس الوزراء عن امتنانه للمشاركة في إطلاق خطة العمل الوطنية الرابعة لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية (2024-2026)، والتي تعتبر جزءًا لا يتجزأ من الاستراتيجية الوطنية الشاملة لمكافحة هذه الظاهرة.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن هذا الحدث يعكس الإرادة السياسية القوية والالتزام الراسخ للدولة المصرية، بالإضافة إلى جهودها المتواصلة للتصدي لظاهرة الهجرة غير الشرعية التي تمثل تحديًا كبيرًا يواجه جميع المجتمعات، سواء كانت متقدمة أو نامية.
الهجرة ظاهرة عالمية أسهمت في تكوين المجتمعات وإثرائها بالتنوع، إلا أن الهجرة غير الشرعية تحمل في طياتها مخاطر جمة، غالبًا ما تتم عبر طرق غير آمنة وظروف قاسية، مما يلقي بظلاله القاتمة على الأفراد والدول على حد سواء، ويؤدي إلى تداعيات سلبية تطال مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
وأوضح الدكتور مدبولي أن مصر قد أحرزت تقدمًا ملحوظًا في مواجهة الهجرة غير الشرعية، وذلك من خلال تأسيس اللجنة الوطنية التنسيقية، التي وضعت رؤية شاملة ومتكاملة وبرامج فعالة تهدف إلى معالجة جذور هذه الظاهرة وأسبابها، بدءًا من إصدار أول قانون في المنطقة العربية لمكافحة تهريب المهاجرين، وصولًا إلى إنشاء صندوق مكافحة الهجرة غير الشرعية وحماية المهاجرين والشهود، ويأتي إطلاق هذه الخطة تتويجًا لتلك الجهود، وتأكيدًا على التزام مصر بتحقيق الأمن والاستقرار لمواطنيها ومجتمعها.
وتستند خطة العمل الوطنية الرابعة إلى عدة محاور أساسية، تهدف جميعها إلى تقليل العوامل الدافعة والجاذبة للهجرة غير الشرعية.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن هذه المحاور تتضمن الوقاية والحماية وإعادة الإدماج، بالإضافة إلى الحوكمة والتعاون على المستويين الإقليمي والدولي، وتسعى هذه المحاور إلى تحقيق عدة أهداف منها:
- رفع الوعي بمخاطر الهجرة غير الشرعية وتقديم بدائل آمنة للشباب.
- تعزيز قدرات الشباب والجهات الوطنية المعنية بمكافحة تهريب المهاجرين.
- إشراك مختلف الشركاء الوطنيين من القطاعات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني.
- تعزيز التعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين.
وأكد أن هذه الجهود تهدف إلى بناء مجتمع قوي ومزدهر، قادر على تمكين مواطنيه من تحقيق طموحاتهم داخل الوطن أو خارجه بطرق آمنة تحترم كرامتهم وتحافظ على حياتهم.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الحكومة، انطلاقًا من حرصها على حماية الأمن القومي وتمكين الشباب وتعزيز حقوقهم، والحد من تهريب المهاجرين، وفي إطار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، أدرجت برنامجًا فرعيًا لمكافحة الهجرة غير الشرعية ضمن برنامج الحكومة الجديد تحت شعار “معًا نبني مستقبلًا مستدامًا 2024-2027”.
وأوضح أن البرنامج الفرعي يركز على معالجة الأسباب الجذرية، وزيادة الوعي المجتمعي بمخاطر الهجرة غير الشرعية وآثارها السلبية على الفرد والمجتمع، وتوفير بدائل آمنة ومستدامة للشباب، بالإضافة إلى مواصلة الجهود الأمنية لمكافحة عصابات تهريب المهاجرين.
وأكد رئيس الوزراء أن النجاح في مواجهة الهجرة غير الشرعية لا يعتمد فقط على الجهود الوطنية، بل يتطلب تعاونًا دوليًا فعالًا، مشيرًا إلى حرص الدولة المصرية على تعزيز علاقاتها مع الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية لتبادل الخبرات والمعلومات، وتنسيق الجهود لمواجهة هذه الظاهرة على المستويين الإقليمي والدولي، وفتح قنوات للهجرة الآمنة لمواطنيها.
وشدد على أن الهجرة غير الشرعية قضية عالمية مشتركة، ولا يمكن لأي دولة بمفردها التصدي لها، داعيًا المجتمع الدولي إلى تكثيف التعاون والعمل المشترك لدعم جهود الدول في مكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن خطة العمل الوطنية الرابعة لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية تأتي في ظل تحديات عالمية وإقليمية غير مسبوقة، حيث شهد العالم ومنطقة الشرق الأوسط تحولات كبيرة وأزمات متعددة، مما أدى إلى زيادة الضغوط على الدول، بما في ذلك مصر، كما أشار إلى تصاعد تدفقات المهاجرين واللاجئين إلى مصر نتيجة للأزمات في المنطقة، مما فاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعية وزاد من التزامات الدولة لحفظ الأمن والاستقرار، وحماية الفئات الضعيفة وحقوقهم الإنسانية، مؤكدًا على الحاجة إلى استجابة دولية قوية وفعالة، تستند إلى رؤى استراتيجية بعيدة المدى وتعاون دولي وتضامن إنساني.
وتناول الدكتور مدبولي استضافة مصر لأكثر من 9 ملايين مهاجر خلال السنوات الماضية، وهو عدد يزداد باضطراد نتيجة للأحداث الجارية في المنطقة.
وأكد أنه على الرغم من التحديات والتكاليف التي تتحملها الدولة، فإن مصر تحرص على تقديم الخدمات الممكنة للمقيمين غير المصريين، مثل التعليم والصحة، كما توفر الحكومة التسهيلات اللازمة لمكاتب المنظمات الأممية العاملة في مصر والمعنية بمساعدة المهاجرين واللاجئين، وتجسد هذه السياسة احترام مصر لحقوق الإنسان وحرصها على توفير حياة كريمة للجميع دون استثناء.
وفي هذا السياق، أعرب رئيس الوزراء عن توقع مصر باحترام القوانين واللوائح التي تنظم أوضاع الأجانب في البلاد، كما تتطلع إلى دعم سريع وملموس من المجتمع الدولي لمواصلة جهودها في هذا المجال.
وأشار إلى أن أحد الجوانب الهامة في الخطة الجديدة هو التركيز على حماية حقوق المهاجرين وصون كرامتهم، مؤكدًا إيمان الدولة بأن معالجة الهجرة غير الشرعية يجب أن تتم بطريقة تحترم حقوق الإنسان وتلتزم بالقوانين والمواثيق الدولية.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الخطة تولي اهتمامًا خاصًا بحماية المهاجرين، وخاصة الفئات الضعيفة كالنساء والأطفال، وتلتزم بتوفير الحماية والرعاية اللازمة لهم، ويتطلب تحقيق أهداف هذه الخطة تضافر جهود جميع الأطراف، من الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، بالإضافة إلى الدعم المستمر من الشركاء الدوليين.
وفي هذا الصدد، أكد رئيس الوزراء الدور الحيوي الذي يمكن أن يلعبه القطاع الخاص في مكافحة الهجرة غير الشرعية، حيث يمثل القطاع الخاص دعامة أساسية في دعم الاقتصاد الوطني من خلال توفير فرص بديلة للشباب الذين قد يرون في الهجرة غير الشرعية الخيار الوحيد.
وأوضح أن توفير فرص عمل لائقة وتدريب الشباب وتأهيلهم لسوق العمل، يعتبر جزءًا لا يتجزأ من الحلول المستدامة لمشكلة الهجرة غير الشرعية، ودعا جميع الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص، انطلاقًا من مسؤوليتها الاجتماعية، إلى القيام بدورها الكامل في هذا المجال من خلال تقديم برامج تدريبية ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مما يعزز فرص التنمية ويوفر بدائل حقيقية للشباب.
ودعا الدكتور مصطفى مدبولي القطاع الخاص إلى أن يكون شريكًا فعالًا في تنفيذ المشروعات التنموية التي تعزز النمو الاقتصادي في المناطق التي تعاني من ارتفاع معدلات الهجرة غير الشرعية، وذلك من خلال توفير فرص العمل ودعم رواد الأعمال، مما يسهم في تحسين الأوضاع المعيشية للمجتمعات المحلية، والحد من الدوافع الاقتصادية للهجرة، وبذلك يصبح القطاع الخاص شريكًا رئيسيًا في تحقيق الأهداف الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، وتعزيز دوره كقوة دافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر.
كما أكد رئيس الوزراء على أهمية دور الإعلام في توعية المواطنين بمخاطر الهجرة غير الشرعية وتداعياتها، مشيرًا إلى أن الإعلام شريك رئيسي في مكافحة هذه الظاهرة من خلال نشر الوعي المجتمعي وتعزيز الثقافة القانونية بين الشباب والأسر، ودعا وسائل الإعلام إلى مواصلة جهودها في هذا المجال، والتعاون مع اللجنة الوطنية لنشر المعلومات الصحيحة والحقائق المرتبطة بهذه القضية.
وفي ختام كلمته، أعرب رئيس الوزراء عن شكره وتقديره لكل من ساهم في إعداد وتنفيذ هذه الخطة الوطنية الهامة، مؤكدًا أن العمل الجماعي والتعاون المثمر بين جميع الأطراف هو السبيل الأمثل لتحقيق النجاح في مواجهة هذا التحدي الكبير، وأن مصر ستظل ملتزمة بمواصلة جهودها في مكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية، والسعي الدائم لتحقيق التنمية المستدامة والرفاهية لمجتمعنا وأجيالنا القادمة.