
المجلس التصديري للصناعات الغذائية عقد ندوة مهمة لمناقشة آخر التطورات في سوق نشا الذرة العالمي، بما في ذلك تحليل الإنتاج العالمي، وحركة الواردات، وتقييم أداء الصادرات المصرية، إضافة إلى تحديد الفرص التصديرية المتاحة وغير المستغلة للشركات المصرية المنتجة والمصدرة لنشا الذرة، بهدف تعزيز تواجدها في الأسواق الدولية.
### دراسة تفصيلية لسوق نشا الذرة
خلال الندوة، تم استعراض دراسة سوقية شاملة تتناول البند الجمركي رقم 110812 الخاص بنشا الذرة، وكشفت الدراسة عن ارتفاع ملحوظ في الإنتاج العالمي من الذرة، حيث زاد من 1.3 مليار طن في عام 2014 إلى 1.5 مليار طن في عام 2023، وهو ما يمثل نموًا بنسبة 6%، وذلك وفقًا لبيانات صادرة عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو).
وقد تصدرت الولايات المتحدة قائمة الدول المنتجة للذرة بنسبة 31%، أي ما يعادل 390 مليون طن، تلتها الصين بنسبة 23% بإجمالي 289 مليون طن، ثم البرازيل في المركز الثالث بنسبة 11% بواقع 132 مليون طن، وجاءت الأرجنتين في المرتبة الرابعة بنسبة 3%، ومن ثم الهند وأوكرانيا والمكسيك وروسيا.
أما مصر، فقد احتلت المرتبة 21 عالميًا بإنتاج بلغ 7 ملايين طن، وهو ما يغطي حوالي 50% فقط من احتياجاتها المحلية، مما يضطرها إلى استيراد ما يتراوح بين 7 و8 ملايين طن سنويًا لسد الفجوة.
### واردات نشا الذرة عالميًا
أظهرت البيانات أن قيمة واردات نشا الذرة على مستوى العالم بلغت 1.6 مليار دولار في عام 2024، بعد أن وصلت إلى أعلى مستوياتها في عام 2022 مسجلة 1.8 مليار دولار.
وقد تصدرت ألمانيا قائمة الدول المستوردة في الربع الأول من عام 2025 بواردات بلغت 27 مليون دولار، تلتها ماليزيا وفرنسا بقيمة 24 مليون دولار لكل منهما، ثم الولايات المتحدة بمبلغ 18 مليون دولار، وكندا بـ15 مليون دولار، وذلك حسب بيانات مركز التجارة الدولي (Trade Map).
وخلال العام الماضي، احتلت ماليزيا صدارة مستوردي النشا بقيمة إجمالية بلغت 127 مليون دولار، مستحوذة على 8% من الواردات العالمية، بمتوسط سعر قدره 460 دولارًا للطن، وجاءت ألمانيا في المرتبة الثانية بنسبة 7.1% ومتوسط سعر 680 دولارًا للطن، تلتها إندونيسيا بإجمالي 110 ملايين دولار بنسبة 7% وبسعر 440 دولارًا للطن، ثم المكسيك بمبلغ 97 مليون دولار وبنسبة 6% وبسعر 624 دولارًا للطن.
### الصادرات المصرية من نشا الذرة
على الجانب الآخر، احتلت الهند المرتبة الأولى كأكبر الدول المصدرة لنشا الذرة بنسبة 20% من إجمالي الصادرات العالمية، وبمتوسط سعر 439 دولارًا للطن، تلتها الولايات المتحدة بنسبة 11% وبمتوسط 776 دولارًا للطن، ثم تركيا وألمانيا وفرنسا.
أما صادرات مصر من نشا الذرة، فقد بلغت حوالي 36 مليون دولار في عام 2024 بكمية قدرها 79 ألف طن، وذلك وفقًا لبيانات الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات (GOEIC).
وشهدت هذه القيمة تراجعًا طفيفًا مقارنة بعام 2023 الذي سجلت فيه الصادرات 37 مليون دولار، أي بانخفاض نسبته 5%.
وقد احتلت نيجيريا المرتبة الأولى بين الدول المستوردة للنشا المصري بقيمة 9 ملايين دولار، تلتها كينيا، وسوريا، والسودان، واليمن، وتونس.
### فرص تصديرية واعدة
كشفت الدراسة عن وجود فرص تصديرية غير مستغلة لنشا الذرة المصري تقدر بنحو 21 مليون دولار خلال السنوات الخمس القادمة في عدد من الأسواق الواعدة.
وقد تصدرت الإمارات العربية المتحدة هذه الأسواق بفرص تصديرية تصل إلى 3.5 مليون دولار، وبرزت السوق الأمريكية بفرص تقدر بنحو 2.3 مليون دولار، بالإضافة إلى أسواق أخرى مثل فرنسا، وإندونيسيا، وماليزيا، التي لم تشهد أي صادرات مصرية لها حتى الآن، على الرغم من تجاوز إمكانات التصدير إليها مليوني دولار لكل منها، مما يؤكد على الحاجة الماسة إلى تطوير خطط الترويج التجاري، والبحث عن آليات فعالة لزيادة الحصة المصرية في هذه الأسواق.
كما أشار التقرير إلى توقعات بانخفاض صادرات مصر إلى أسواق سوريا، والسودان، وكينيا، والجزائر، واليمن، وإسبانيا، وتونس.
ووفقًا للتقرير، يعاني هيكل التصدير المصري من تركز شديد، حيث تسيطر أربع شركات فقط على حوالي 99% من إجمالي صادرات نشا الذرة من مصر، مما يكشف عن ضعف قاعدة المصدرين، ويدعو إلى تحفيز دخول شركات جديدة لتعزيز التنافسية وزيادة الحضور المصري على المستوى العالمي.
### تحديات تواجه المصدرين المصريين
من جانبه، أوضح عاطف حمود، مدير التصدير بالمنيري للنشا والجلوكوز، أن شركته قد دخلت السوق الماليزي في وقت سابق، إلا أنها واجهت صعوبات كبيرة في الاستمرار، نتيجة للمنافسة الشرسة مع الشركات الهندية المدعومة والتي تتمتع بميزة السعر المنخفض وقرب المسافة.
وأضاف أن المنتج المصري يتميز بجودة أعلى من المنتج الهندي، إلا أن ارتفاع الأسعار وانخفاض الدعم المقدم للمصدرين المصريين يقلل من قدرتهم التنافسية.
وأشار “حمود” إلى أن الأسواق الأوروبية تفضل النشا غير المعدل وراثيًا، وهو ما يمنح ميزة نسبية للمنتج المصري، إلا أن ذلك يرفع من تكاليف التوريد، مشيرًا إلى أن شركته تسعى للتوسع في عدد الأسواق المصدرة من 40 دولة حاليًا إلى 60 دولة خلال الفترة القادمة، وذلك في إطار جهود تأمين تدفق النقد الأجنبي وتجاوز أزمة تدبير الدولار.
### توصيات لتعزيز الصادرات المصرية
وفي ختام الندوة، أوصى المجلس التصديري بضرورة تعظيم الاستفادة من الاتفاقيات التجارية، وعلى رأسها اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى، وتسهيل إجراءات الحصول على الشهادات التصديرية اللازمة للأسواق الكبرى مثل الولايات المتحدة وأوروبا.
كما دعا المجلس إلى تقديم دعم لوجستي وترويجي حقيقي يمكّن الشركات المصرية من اختراق الأسواق التنافسية مثل ماليزيا وإندونيسيا، بالإضافة إلى تحسين مناخ التصدير ومواجهة تحديات سعر الصرف، بما يضمن استقرار تدفقات النقد الأجنبي.
وأشار المشاركون إلى أهمية الحصول على شهادة FDA لدخول السوق الأمريكي، وتعزيز التواجد في أسواق جنوب شرق آسيا، بالتوازي مع توسيع الحضور في أسواق نيجيريا والكاميرون.