في الآونة الأخيرة، ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بمقطع فيديو مؤسف يظهر أبًا يعتدي على ابنه بالضرب داخل شرفة المنزل، وأمام مرأى الأم، في حادثة أُطلق عليها “طفل العاشر من رمضان”، وانتهت بإيداع الطفل، البالغ من العمر 10 سنوات، في إحدى دور الرعاية ريثما تنتهي التحقيقات، مع حبس الأب لمدة 4 أيام على ذمة القضية، وإطلاق سراح الأم بكفالة مالية قدرها 5000 جنيه،
العنف المنزلي يُعد من أكثر أشكال العنف ضد الأطفال شيوعًا على مستوى العالم، وتشير الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال والمراهقين إلى أن ما بين ثلاثة إلى عشرة ملايين طفل ومراهق يشهدون العنف المنزلي سنويًا، كما تفيد تقارير وزارة العدل الأمريكية بأن 25% من الأطفال يتعرضون للعنف الأسري خلال حياتهم، وفقًا لموقع “Very well mind”،
إن التعرض للعنف المنزلي أو حتى مشاهدته يترك آثارًا نفسية عميقة على الأطفال، سواء كانت قصيرة الأمد أو طويلة الأمد، وغالبًا ما يستدعي الأمر طلب مساعدة نفسية متخصصة للتخفيف من هذه الآثار،
الآثار قصيرة المدى للتعرض للعنف المنزلي بمرحلة الطفولة
قد تظهر بعض آثار العنف المنزلي على الأطفال بشكل فوري، بينما يستغرق البعض الآخر وقتًا أطول ليطفو على السطح، وتتضمن أهم الآثار قصيرة المدى ما يلي:
القلق
يؤدي العنف المنزلي إلى إصابة الأطفال بقلق مستمر، نابع من شعورهم الدائم بالتهديد واحتمالية تكرار الاعتداء الجسدي أو اللفظي في المنزل، وقد يتجسد ذلك في سلوكيات مثل مص الإبهام، التبول اللاإرادي، البكاء المتزايد، والأنين،
اضطراب ما بعد الصدمة
من بين الآثار المدمرة للعنف المنزلي، يبرز احتمال تسببه في اضطراب ما بعد الصدمة لدى الأطفال الذين نشأوا في بيئة عنيفة، ويحدث هذا الاضطراب نتيجة لمشاهدة أو تجربة حدث صادم،
على الرغم من نجاة الأطفال من الإيذاء الجسدي المباشر، إلا أن صدمة العنف المنزلي وحدها كافية لإحداث تغييرات خطيرة في أدمغتهم النامية، وقد تتسبب هذه التغييرات في ظهور كوابيس، تغيرات في أنماط النوم، غضب، سرعة انفعال، وصعوبة في التركيز، وفي بعض الحالات، قد يعيد الأطفال تمثيل جوانب من الإيذاء المؤلم الذي شهدوه،
التحديات البدنية
إن مشاهدة الطفل لاعتداء أحد الوالدين على الآخر لا تقتصر على إحداث ضرر نفسي واضح، بل قد تؤثر أيضًا على صحته الجسدية وسلامته، وقد يظهر ذلك في صورة أعراض جسدية مثل الصداع وآلام المعدة، والتي غالبًا ما تكون ناتجة عن التوتر السائد في المنزل،
السلوك العدواني
عندما يشهد المراهقون عنفًا منزليًا، غالبًا ما يتصرفون كرد فعل على هذا الموقف، وقد يتجلى ذلك في الشجار، التغيب عن المدرسة، والانخراط في أنشطة محفوفة بالمخاطر مثل تعاطي المخدرات والكحول،
الآثار طويلة المدى للعنف المنزلى
مجرد الابتعاد عن بيئة العنف المنزلي لا يكفي لإزالة الضرر الناجم عن التعرض له، فالأطفال الذين تعرضوا للعنف، أو نشأوا في كنف أسرة يشهدون فيها اعتداء أحد الوالدين على الآخر، غالبًا ما يعانون من آثار تستمر معهم حتى مرحلة البلوغ، وفيما يلي بعض الآثار طويلة المدى التي قد يعاني منها الأطفال بعد مشاهدة العنف المنزلي:
الاكتئاب
الصدمة الناتجة عن مشاهدة العنف المنزلي بشكل متكرر تعرض الأطفال لخطر كبير للإصابة بالاكتئاب، الحزن، صعوبة التركيز، وأعراض أخرى للاكتئاب في مرحلة البلوغ،
المشكلات الصحية
قد لا تكون العادات الغذائية السيئة أو المخاطر البيئية هي الأسباب الوحيدة وراء الإصابة بأمراض مثل أمراض القلب، السمنة، والسكري في مرحلة البلوغ، ففي بعض الحالات، ترتبط هذه الأمراض بشكل مباشر بالإساءة الجسدية، العاطفية، واللفظية التي يتعرض لها الطفل أو يشهدها،
أنماط إساءة متكررة
إن الشعور بالألم والمعاناة الناتجة عن مشاهدة العنف لا يضمن دائمًا أن يسلك الأطفال طريقًا مختلفًا، ففي بعض الحالات، قد يؤدي التعرض المبكر للإساءة إلى تهيئة الطريق للأطفال لتبني نفس السلوك في مرحلة البلوغ،
حماية الأطفال من العنف الأسري
إن إدراك أن العنف الأسري قد يترك آثارًا طويلة الأمد على حياة الأطفال الجسدية، النفسية، والعاطفية يسلط الضوء على أهمية حمايتهم من الإساءة بشكل فعال، وفيما يلي بعض الطرق لحماية الطفل من الإساءة الأسرية:
اجعل السلامة أولوية
تتمثل أفضل طريقة لحماية الطفل في حصول الضحايا على الدعم اللازم الذي يحتاجون إليه لمغادرة البيئة المسيئة، فمن خلال القيام بذلك، يتم تجنيب الأطفال التعرض لمزيد من العنف ومنحهم فرصة للنمو في بيئة منزلية أكثر صحة،
تعليم الأطفال ديناميكيات العلاقات الصحية
يجب تعليم الأطفال طرقًا صحيحة لحل الخلافات في علاقات الصداقة، ومن المهم أن يتعلموا كيفية التواصل بشكل فعال، مع التأكيد على أسباب رفض العنف في العلاقات،
تثقيف الأطفال حول الحدود
إن تعليم الأطفال الاستقلالية وحقهم في رفض لمس أجسادهم من قبل الآخرين، والعكس صحيح، يُعد خطوة في الاتجاه الصحيح، كما يجب أيضًا تعليم الأطفال ضرورة إخبار شخص بالغ موثوق به إذا تسبب لهم شخص آخر في الإزعاج بأي شكل من الأشكال،