
تشهد الساحة التشريعية المصرية حراكًا ملحوظًا داخل أروقة مجلس النواب، حيث تدور مناقشات معمقة حول تعديلات قانون التعليم الجديد، هذه التعديلات تهدف إلى ترسيخ دعائم الهوية الوطنية والقيم الدينية، وتطوير منظومة التعليم الفني والتكنولوجي لتواكب العصر، بالإضافة إلى توسيع مظلة التعليم الإلزامي لتشمل المرحلة الثانوية، مما يعكس رؤية طموحة لتطوير التعليم في مصر.
التربية الدينية واللغة العربية والتاريخ الوطني: ركائز أساسية للنجاح
من أبرز ملامح التعديلات المقترحة التأكيد الواضح على أهمية مواد التربية الدينية واللغة العربية والتاريخ الوطني، واعتبارها مواد أساسية في جميع مراحل التعليم، وهذا يأتي استنادًا إلى المادة (24) من الدستور المصري، التي تؤكد على هذه الثوابت الوطنية.
وتشير مصادر مطلعة في وزارة التربية والتعليم إلى أن إقرار هذه التعديلات سيجعل مادة التربية الدينية شرطًا محوريًا للنجاح في مختلف الصفوف الدراسية، مع تحديد نسبة نجاح لا تقل عن 70%، كما يجري العمل على إعداد مناهج جديدة لهذه المادة بالتعاون الوثيق بين الأزهر الشريف والكنيسة المصرية، وذلك بهدف تحقيق التوازن الديني وتعزيز القيم الإنسانية المشتركة.
التعليم الإلزامي يمتد ليشمل المرحلة الثانوية
تعديل جوهري آخر يتضمنه مشروع القانون يتمثل في توسيع نطاق التعليم الإلزامي ليشمل المرحلة الثانوية، وذلك امتثالًا للمادة (19) من الدستور، اللافت في الأمر هو أن هذا التوسع يأتي مع الحفاظ على نظام الثانوية العامة الحالي، القائم على ثلاث سنوات دراسية، وهو ما يضمن توافق النظام مع الهيكل التقليدي للتعليم في مصر، مع إتاحة فرص التعليم للجميع حتى نهاية المرحلة الثانوية.

تطوير التعليم الفني والتقني: قاطرة التنمية
لم تغفل التعديلات أهمية تطوير التعليم الفني والتقني، حيث تقرر استبدال نظام التعليم الثانوي الفني العام بـ “التعليم الثانوي الفني والتقني التكنولوجي”، الذي يمتد لثلاث سنوات، بالتوازي مع ذلك، يجري العمل على إنشاء مدارس تكنولوجية حديثة، تلبي احتياجات الجامعات التكنولوجية ومتطلبات سوق العمل المتغيرة.
كما يشمل التطوير استبدال نظام التعليم الفني المتقدم بـ “التعليم التكنولوجي المتقدم”، الذي يعتمد على نظام دراسي مدته خمس سنوات، يهدف إلى تأهيل الطلاب وتزويدهم بالمهارات اللازمة لمواكبة مستقبل سوق العمل، وفقًا لأحدث المعايير العالمية.
نظام جديد للتعليم المهني: تلبية لاحتياجات سوق العمل
لأول مرة، يشهد نظام التعليم استحداث “التعليم الثانوي المهني”، وهو نظام يمتد لسنة أو سنتين، ويركز على تأهيل كوادر مهنية متخصصة، هذا النظام لا يتيح الالتحاق بالجامعات أو المعاهد العليا، بل يهدف إلى تلبية احتياجات سوق العمل المتزايدة للكفاءات المهنية المدربة عمليًا.
نظرة مستقبلية: تعليم يواكب العصر
تعكس هذه التعديلات توجهًا واضحًا من الدولة نحو تعزيز الهوية الوطنية والقيم الدينية، وتطوير البنية التحتية للتعليم الفني والتقني، مع ضمان حق الجميع في الحصول على التعليم الثانوي كجزء من التعليم الإلزامي، هذه الخطوات تمثل استراتيجية متكاملة لتطوير منظومة التعليم، وربطها بمتطلبات سوق العمل واحتياجات التنمية الشاملة.