أكدت جمعية خبراء الضرائب المصرية أن قطاع النقل النهري في مصر عانى طويلًا من الإهمال، ولذلك وضعت الدولة خطة لإنعاش النقل النهري بالاعتماد على القطاع الخاص الذي ينتظر إعلان الحوافز والتيسيرات الضريبية للاستثمار في هذا القطاع، وكذلك مدة الانتفاع في المشروعات التي تطرحها هيئة النقل النهري، ويهدف هذا التوجه إلى تعزيز دور القطاع الخاص في تطوير البنية التحتية للنقل النهري وتحسين كفاءته.
أهمية النقل النهري في مصر تاريخيًا
أشار المحاسب الضريبي أشرف عبد الغني، مؤسس جمعية خبراء الضرائب المصرية، إلى أن مصر تمتلك أكبر شريان مائي في قارة أفريقيا، وهو نهر النيل الذي يمتد لنحو 3126 كيلومتر داخل الأراضي المصرية، ولذلك كان النقل النهري وسيلة النقل الرئيسية منذ عهد الفراعنة الذين يعتبرون أول من اخترع المركب الشراعي منذ حوالي 3200 سنة قبل الميلاد، مما يؤكد على أهمية هذا القطاع عبر التاريخ.
تراجع دور النقل النهري وأثره
أكد عبد الغني أن النقل النهري ظل وسيلة نقل رئيسية حتى الربع الأخير من القرن الماضي، بعد أن تخلت الدولة تدريجيًا عن الدعم المباشر لخدمات النقل النهري، ووجهت الاهتمام إلى وسائل النقل الأخرى مثل الطرق البرية والسكك الحديدية، مما أدى إلى إهمال النقل النهري والتأثير سلبًا على البنية التحتية، وفي مقدمتها الموانئ والأرصفة والوحدات النهرية التي أصبح معظمها متوقفًا عن العمل، كما عانى أسطول النقل النهري من التقادم بسبب محدودية عملية التطوير، مما يستدعي إعادة النظر في هذا القطاع الحيوي.
مميزات النقل النهري
أوضح المحاسب الضريبي أشرف عبد الغني أن النقل النهري يتمتع بمميزات كبيرة، منها انخفاض تكلفة التشغيل والصيانة، ويعتبر أكثر وسائل النقل أمانًا وأقلها حوادث واستهلاكًا للطاقة، بالإضافة إلى خفض ملوثات البيئة والقدرة على نقل الحمولات ذات الأوزان والأطوال غير النمطية، كما أن التكلفة أقل حيث تحل الوحدة النهرية محل 40 شاحنة نقل بري، فضلًا عن أن صناعة الوحدات النهرية تتم بنسبة 80% مكون محلي، مما يقلل فاتورة الاستيراد، وهذه المميزات تجعل النقل النهري خيارًا استراتيجيًا للتنمية المستدامة.
النقل النهري في رؤية مصر 2030
أكد أنه على الرغم من هذه المميزات، يصل نصيب النقل النهري في مصر إلى 0.8% من حجم البضائع، في حين تصل النسبة العالمية إلى 47%، ولذلك تستهدف رؤية مصر 2030 الوصول بنصيب النقل النهري إلى 10%، مما يعكس التوجه نحو تعزيز دور هذا القطاع في الاقتصاد الوطني.
توحيد الولاية على النيل لتشجيع الاستثمار
أوضح مؤسس جمعية خبراء الضرائب المصرية أن الدولة وضعت خطة لإنعاش النقل النهري بالاعتماد على القطاع الخاص، لكن المشكلة الأكبر كانت أن الولاية على النيل موزعة بين وزارات التنمية المحلية والزراعة والري والداخلية والسياحة، ولذلك صدق الرئيس عبد الفتاح السيسي على القانون رقم 167 لسنة 2022 الذي يستهدف توحيد الولاية على نهر النيل بالكامل لتكون لجهة وحيدة هي هيئة النقل النهري لتسهيل وتشجيع الاستثمار في هذا القطاع، وهذا القانون يمثل خطوة هامة نحو تذليل العقبات أمام المستثمرين.
تحديات الاستثمار في النقل النهري
قال عبد الغني إنه منذ صدور القانون، ينتظر المستثمرون إعلان الحوافز الضريبية للاستثمار في قطاع النقل النهري، كما أنهم يطالبون بتمديد الفترة الزمنية لحق الانتفاع في المشروعات التي تطرحها هيئة النقل النهري والتي تتراوح حاليًا بين 6 إلى 15 عامًا، وهي مدة غير كافية للوصول إلى مرحلة التوازن في رأس المال مع وضع الضمانات الكاملة لحماية حق الدولة، وهذا يتطلب تضافر الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص لتحقيق التنمية المستدامة في قطاع النقل النهري.