شهدت منظومة العدالة في مصر، في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013، تطوراً ملحوظاً في استخدام الرقمنة والتكنولوجيا الحديثة في سير العمل، وذلك جنباً إلى جنب مع اهتمام القيادة السياسية بدعم استقلالية القضاء وتوفير الدعم اللازم لأعضائه، لتمكينهم من أداء واجبهم في تحقيق العدالة وإنصاف أصحاب الحقوق،.
انطلاقاً من حرص الدولة المصرية على ترسيخ قيمة العدالة في المجتمع، باعتبارها دعامة أساسية للاستقرار والحكم الرشيد التي ناضل المصريون من أجلها، ورفضاً لمحاولات جماعة الإخوان لتقويض أركان الدولة، وخاصة السلطة القضائية، أولت الدولة اهتماماً كبيراً بمواكبة التطورات الرقمية والتكنولوجية، بما يتناسب مع مكانة القضاء وهيبته، وضمان حق المواطن في الحصول على العدالة الناجزة،.
جاءت خطة تسريع إجراءات التقاضي وتوفير خدمات متطورة للمواطنين على رأس أولويات الرئيس عبد الفتاح السيسي في مشروع “الجمهورية الجديدة”، وقد تجسد ذلك في التأكيد على احترام وتقدير قضاة مصر، والحفاظ على استقلاليتهم، وتخصيص الأول من أكتوبر عيداً للقضاء، ومنح الأوسمة لشهداء العدالة ورؤساء الهيئات القضائية، وتكريم القضاة الشباب المتميزين،.
ارتكزت خطة التطوير الشاملة على دعم قدرات القضاة والعاملين في هذا المجال، من خلال توفير فرص التدريب والتطوير المستمر، وتمكين المرأة من تولي المناصب القضائية في مجلس الدولة والنيابة العامة، تطبيقاً لمبادئ الكفاءة وتكافؤ الفرص والمساواة، بالإضافة إلى التوسع في إنشاء المحاكم والاستفادة من التكنولوجيا في تطوير الخدمات المقدمة،.
في عام 2019، صدر قرار بتشكيل المجلس الأعلى للجهات والهيئات القضائية برئاسة رئيس الجمهورية، وعضوية رؤساء المحكمة الدستورية العليا، ومحكمة النقض، ومجلس الدولة، وهيئة قضايا الدولة، والقضاء العسكري، والنيابة الإدارية، ومحكمة استئناف القاهرة، والنائب العام، وقد ساهم هذا المجلس في تحقيق التكامل بين الجهات القضائية، مما انعكس إيجاباً على حماية الحقوق والحريات وتعزيز كفاءة القضاة،.
يعد مشروع “ربط العدالة بالتكنولوجيا” جزءاً أساسياً من التنمية التي تشهدها مصر منذ ثورة 2013، حيث عملت وزارة العدل بالتعاون مع الهيئات القضائية على تطبيق رؤية الرئيس السيسي بالتحول الرقمي في العمل القضائي، بدلاً من الاعتماد على الأساليب التقليدية،.
تبنت وزارة العدل مشروعاً ضخماً لتطوير قطاعي التوثيق والشهر العقاري، حيث أصبح بالإمكان الحصول على خدمات التوثيق إلكترونياً، كما تم إطلاق تطبيق رقمي لتسهيل الإجراءات، والتوسع في إنشاء مكاتب التوثيق وتدريب العاملين، واعتماد المعاملات الإلكترونية لتوفير الوقت والجهد على المواطنين،.
بدأت المحاكم في استخدام تقنية تجديد الحبس الاحتياطي عن بعد، مما قلل من الأعباء المتعلقة بنقل المتهمين وتأمينهم، مع ضمان حقوقهم القانونية، كما تم إدخال نظام المرافعات الإلكترونية في المحاكم المدنية، والاستعاضة عن الإجراءات الورقية المعقدة بتقديم الطلبات إلكترونياً،.
تتوافق جهود وزارة العدل مع “استراتيجية مصر الرقمية” التي تهدف إلى التحول الرقمي في جميع قطاعات الدولة، وتلبية لالتزامات رؤية مصر 2030، التي تعتبر الرقمنة أداة رئيسية للتنمية المستدامة،.
يساهم التحول الرقمي في وزارة العدل في خدمة الدولة والمواطنين على حد سواء، من خلال تقليل الأعباء الإدارية، وتحسين بيئة العمل للقضاة والموظفين، ورفع كفاءة البيانات القضائية وربطها بالجهات الحكومية الأخرى، ولا يقتصر التحول الرقمي على وزارة العدل فقط، بل يشمل جميع الهيئات القضائية، مثل محكمة النقض، ومحاكم الاستئناف، والنيابة العامة، ومجلس الدولة، وهيئة قضايا الدولة، والنيابة الإدارية،.
يمثل تاريخ 30 يونيو 2013 بداية لمسيرة إصلاح شاملة، تتكامل فيها مؤسسات الدولة مع الإرادة السياسية لإعادة تعريف علاقة المواطن بالخدمات العامة، وبفضل الخدمات الإلكترونية المتنوعة، أصبحت وزارة العدل مساهماً رئيسياً في تعزيز ثقة المواطنين، حيث أصبحت العدالة في متناول الجميع، بكفاءة ودون تمييز أو تأخير،.