أعادت مصر رسم ملامح صناعة الذهب في القارة الأفريقية والعالم، مع تدشين أول مصفاة ذهب دولية معتمدة داخل أراضيها، في خطوة استراتيجية تجعلها لاعبًا رئيسيًا في سوق المعادن الثمينة، المصفاة التي تعد الأكبر من نوعها في إفريقيا لا تقتصر أهميتها على البعد الصناعي، بل تمثل تحولًا اقتصاديًا ضخمًا يضاعف القيمة المضافة للثروات الطبيعية ويعزز من مكانة البلاد كمركز إقليمي لتجارة الذهب.
وحصول المصفاة على اعتماد مجلس المجوهرات المسؤول في لندن (RJC) منح الذهب المصري ختم الجودة العالمية، ما سمح بتداوله في كبرى البورصات الدولية إلى جانب أشهر العلامات، وهو ما يرفع من قدرة مصر التنافسية ويفتح أبوابًا واسعة أمام صادراتها.
وخلال فترة وجيزة منذ بدء تشغيلها عام 2021 عبر شركة “سام مصر للمعادن الثمينة”، تجاوزت صادرات المصفاة 5 مليارات دولار إلى أكثر من 143 دولة خلال عامي 2024 ومطلع 2025، لتصبح أحد أبرز مصادر النقد الأجنبي وداعمًا محوريًا للصادرات الوطنية.
المشروع لا يقتصر على التصدير فقط، بل يوفر فرصة للمصريين للاستثمار المباشر في الذهب عبر صناديق محلية معتمدة دوليًا، ما يمنح المواطنين قناة آمنة لحماية مدخراتهم ويواكب توجه الدولة نحو تعميق قاعدة الاستثمار في أدوات التحوط.
وتقوم المصفاة على منظومة متكاملة من المعايير الدولية للجودة والاستدامة، حيث حصدت شهادات وجوائز عالمية متتالية منذ 2020، لتتوج في 2024 بلقب أفضل مصدر للمعادن الثمينة في مصر. هذه الاعتمادات الدولية لم ترفع فقط ثقة الأسواق العالمية في الذهب المصري، بل جعلت المصفاة نموذجًا وطنيًا ذكيًا يجمع بين التكنولوجيا والحوكمة والاستدامة.
بهذا الإنجاز، تضع مصر نفسها في مقدمة الدول الصاعدة في صناعة الذهب، وتؤسس لبنية تحتية قوية تدعم قطاع التعدين كأحد محركات النمو الاقتصادي المستدام، ومصدر رئيسي لجذب الاستثمارات وزيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي.
تعليقات