حرائق مدمرة تلتهم أوروبا نتيجة موجات الحر الشديدة وتحولها إلى صندوق بارود

حرائق مدمرة تلتهم أوروبا نتيجة موجات الحر الشديدة وتحولها إلى صندوق بارود

تعرضت أوروبا خلال هذا الصيف لأربع موجات حرارة رئيسية، مصحوبة بجفاف شديد ورياح عاتية، مما جعلها تبدو كصندوق بارود. وقد أسفرت هذه الظروف عن موسم حرائق غابات يُعتبر الأكثر تدميرًا منذ نحو 20 عامًا.

خسائر حرائق الغابات

وفقًا لصور جديدة بالأقمار الصناعية من برنامج الفضاء الأوروبي “كوبرنيكوس”، دمرت الحرائق حوالي 8,948 كيلومترًا مربعًا من الأراضي في الاتحاد الأوروبي خلال عام 2025. وتُعتبر هذه النسبة أكبر معدل خسائر منذ عام 2006، كما ذكرت وكالة “بلومبرغ” الأمريكية.

موجة حر غير موسمية

شهدت الأسابيع الأخيرة زيادة في نشاط الحرائق نتيجة موجة حر غير موسمية استنزفت ما تبقى من رطوبة في الحقول والغابات، مما جعلها قابلة للاشتعال. اندلعت حرائق مدمرة بفعل الرياح من البرتغال وإسبانيا حتى اليونان وألبانيا، حيث أشار الباحثون إلى أن تغير المناخ يجعل صيف أوروبا أكثر حرارة وجفافًا، مما يرفع مستويات الخطر، وتُعتبر القارة الأسرع في الإحترار عالميًا.

الوضع الحالي في إسبانيا

رغم انحسار موجة الحرائق الأخيرة، لا تزال فرق الإطفاء في إسبانيا تكافح نحو 40 حريقًا نشطًا. وقد أُجبر أكثر من 31 ألف شخص على إخلاء منازلهم في الأيام الأخيرة، حيث التهمت النيران 3,482 كيلومترًا مربعًا من الأراضي هذا العام، وهو أكبر معدل منذ 2006 وفقًا لبيانات الأقمار الصناعية. وأعلنت وزارة الداخلية الإسبانية عن اعتقال 31 شخصًا ضمن التحقيقات حول أسباب الحرائق.

استعدادات حكومية في إسبانيا

يستعد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز لزيارة مقاطعتي كاسيريس وزامورا. وأشارت السلطات إلى أن الأزمة استدعت أكبر موجة مساعدات دولية في تاريخ مكافحة الحرائق في إسبانيا، مع وصول طائرات وأطقم من دول بعيدة مثل فنلندا وسلوفاكيا.

توقعات الأرصاد الجوية

تتوقع هيئة الأرصاد الوطنية في إسبانيا كسر موجة الحرارة التي استمرت 16 يومًا، والتي تُعتبر الأطول منذ أكثر من 30 عامًا. إلا أن نصف البلاد ما زال يواجه ظروفًا خطيرة جدًا لاندلاع الحرائق.

أوضاع البرتغال

في البرتغال المجاورة، يُتوقع أيضًا انخفاض درجات الحرارة، لكن لا تزال أربعة حرائق كبرى مشتعلة، خاصة في منطقة ترانكوسو، الذي استمر لأكثر من أسبوع، وينذر بأن يصبح الأكبر في تاريخ البلاد. بينما يستمر حريق آخر في الانتشار رغم تواجد نحو 1,500 عنصر من فرق الإطفاء لمحاصرته.

تصريحات الحكومة البرتغالية

أكد رئيس الوزراء البرتغالي لويس مونتينيجرو، الذي دعا إلى التكاتف والهدوء الوطني، عزيمة الحكومة على دعم المناطق المتضررة، إلا أنه لم يزر الشمال الأكثر تضررًا بعد. وأشار في مؤتمر صحفي قرب لشبونة إلى أن “نحن في حالة حرب ويجب أن ننتصر فيها”، موضحًا أن الحرائق حتى الآن دمرت 2,162 كيلومترًا مربعًا، مما يجعل هذا العام الأسوأ في تاريخ البرتغال منذ 2006.

قضايا سياسية وحساسية الموضوع

أصبحت الحرائق قضية سياسية حساسة، حيث تعرض مونتينيجرو لانتقادات بسبب تأخره في تفعيل آلية الحماية المدنية التابعة للاتحاد الأوروبي. بينما طالب زعيم اليمين المتطرف أندريه فينتورا باستقالة وزيرة الداخلية ماريا لوسيا أمارال.

تظل هذه القضية حساسة للغاية في البرتغال منذ عام 2017، عندما أسفرت حرائق عن مقتل أكثر من 100 شخص. وقد تجددت المخاوف هذا العام مع اندلاع بعض من أسوأ الحرائق في المناطق ذاتها التي لا تزال تحمل آثار تلك الكارثة.