«تأثير السهر المتأخر على القدرات العقلية والمزاج» السهر لوقت متأخر من الليل ينعكس سلبًا على كفاءتك العقلية ويؤثر على مزاجك.

«تأثير السهر المتأخر على القدرات العقلية والمزاج» السهر لوقت متأخر من الليل ينعكس سلبًا على كفاءتك العقلية ويؤثر على مزاجك.

يعتبر السهر لما بعد منتصف الليل عادة شائعة بين الكثيرين، سواءً كان ذلك لإنهاء الأعمال، أو تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، أو مشاهدة المسلسلات، ورغم أن السهر في وقت متأخر قد يبدو غير ضار، إلا أن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن الدماغ ليس مُهيأً بشكل طبيعي للنشاط في هذا الوقت، حتى لو شعرت باليقظة، فإن عقلك وجسدك يكافحان للتكيف مع اضطراب إيقاعاتهما الطبيعية مما يؤدي إلى ضعف التركيز، وتغير المزاج، وتعزيز المخاطر الصحية، بما في ذلك الصحة القلبية والأيض، طبقًا لتقرير من موقع “تايمز أوف انديا”.

دراسة نُشرت في مجلة Frontiers in Network Physiology تحت عنوان “تأثير العقل بعد منتصف الليل” كشفت عن تدهور الوظائف الإدراكية، وتنظيم المشاعر، واتخاذ القرارات خلال السهر المتأخر، حيث تتعطل الإيقاعات اليومية التي تهيئ الجسم والدماغ للراحة، مما يزيد من الاندفاعية وضعف التحكم في المشاعر وبطء المعالجة العقلية، وأظهرت الدراسة أن حتى التغيرات الصغيرة بعد منتصف الليل يمكن أن تؤثر بشكل ملموس على وظائف الدماغ وسلوكه.

كيف يؤثر السهر بعد منتصف الليل على العقل البشري؟

الإيقاعات اليومية تنظم كل جانب من جوانب حياتنا، من دورات النوم إلى إنتاج الهرمونات، وعندما يسهر الشخص بعد منتصف الليل، فإن الدماغ يدخُل في حالة لا يعدّ مُهيّأً لها، مما يؤدي إلى تراجع كفاءة الخلايا العصبية في معالجة المعلومات، إضافة إلى تغير تنظيم النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين، مما ينتج عنه بطء في استجابة العقل، وزيادة في الانفعالات، وزيادة احتمال الأخطاء.

تشير الأبحاث إلى أن هذه التأثيرات تظهر بشكل متسق بين مختلف الفئات السكانية، وغالبًا ما يلاحظ الأشخاص الذين يستيقظون متأخرًا شعورًا بالمزاج السلبي، وانخفاض التركيز، وزيادة الاندفاع، ويؤدي الجمع بين الإرهاق الذهني وانضباط الساعة البيولوجية إلى إرهاق شديد للعقل خلال السهر بعد منتصف الليل.

ضعف الإدراك الناتج عن اليقظة في وقت متأخر من الليل

يعد الحرمان من النوم من النتائج الأكثر وضوحًا للبقاء مستيقظًا بعد منتصف الليل، حيث وجدت دراسة نُشرت في مجلة Frontiers in Neuroscience أن قلة النوم تزيد زمن استجابة P300 وتطيل زمن رد الفعل مما يُظهر بطء في المعالجة المعرفية، وبهذا تصبح المهام التي تتطلب التركيز والذاكرة واتخاذ القرارات التنفيذية أكثر عرضة للخطر حتى مع الأفراد الذين يشعرون باليقظة الذاتية.

علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي السهر المتكرر في وقت متأخر إلى زعزعة اليقظة، مما يؤثر سلبًا على الأداء المهني والحياة اليومية، ومعاناة البعض من صعوبات في التركيز والنسيان، حيث إن العقل البشري مُصمم للعمل بشكل مثالي وفق إيقاع الراحة الليلية، وتجاوز هذا الإيقاع له ثمن.

العواقب العاطفية للبقاء مستيقظًا بعد منتصف الليل

بالإضافة إلى التأثيرات المعرفية، فإن السهر قد يكون له تأثيرات ملحوظة على الحالة المزاجية، إذ تشير الدراسات إلى أن القدرة على تنظيم العواطف تنخفض خلال الليل، مما يجعل الأفراد أكثر عرضة للقلق والانفعال وسوء المزاج، وتمت ملاحظة ذروة التأثير السلبي في الساعات المتأخرة من الليل، مما قد يُفسر العلاقة بين الأرق والاكتئاب، ويبدو أن العقل البشري يصبح أكثر حساسية عاطفيًا بعد منتصف الليل، مما يؤثر سلبًا على التفاعلات الاجتماعية، واتخاذ القرارات، والصحة النفسية بشكل عام.

المخاطر طويلة الأمد للسهر المزمن في وقت متأخر من الليل

يمكن أن تترتب على السهر المتكرر بعد منتصف الليل عواقب وخيمة، حيث يرتبط الأرق المزمن وأنماط النوم غير المنتظمة بتسارع شيخوخة الدماغ، وأفادت دراسة نُشرت في مجلة علم الأعصاب أن البالغين الذين يعانون من حرمان طويل من النوم يظهرون علامات تدهور إدراكي وزيادة خطر الإصابة بالخرف، إضافة إلى تكوّن لويحات الأميلويد، المرتبطة بمرض الزهايمر، لذلك فإن المحافظة على نمط نوم منتظم وتجنب السهر تظل أمورًا حيوية لحماية الصحة الإدراكية على المدى الطويل، حيث يحتاج العقل إلى الراحة ليلًا لتقوية الذاكرة، وتنظيم العواطف، وإصلاح تلف الخلايا.

فيما يلي استراتيجيات لمنع إلحاق الضرر بعقلك بسبب السهر بعد منتصف الليل:

حافظ على جدول نوم ثابت: اذهب إلى السرير واستيقظ في نفس الوقت يوميًا لتثبيت الإيقاعات اليومية،
امتنع عن استخدام الموبايل قبل النوم: حيث أن الضوء الأزرق المنبعث منه يمنع إنتاج الميلاتونين ويؤخر بدء النوم،
إنشاء بيئة مريحة: حافظ على غرفة نومك باردة ومظلمة وهادئة،
تجنب المنبهات في وقت متأخر من الليل: مثل مشروبات الكافيين والتدخين والأطعمة السكرية التي يمكن أن تبقي العقل نشطًا،
مارس روتينًا مريحًا قبل النوم: مثل القراءة أو التأمل أو التمدد اللطيف لإرسال إشارات إلى المخ بأنه قد حان وقت الراحة.