لم يعد الحفاظ على اللياقة البدنية يتطلب قضائك ساعات طويلة في صالة الألعاب الرياضية، فالبحوث الحديثة تشير إلى أن الحركة لبضع دقائق في فترات قصيرة ومنتظمة يمكن أن تعزز نشاط الجسم وتقوي العضلات وتحسن صحة القلب،
في دراسة نشرت في المجلة البريطانية للطب الرياضي (British Journal of Sports Medicine, 2025)، أظهرت النتائج أن ما يعرف بـ”وجبات التمارين السريعة” يمكن أن يحدث فرقًا ملحوظًا في لياقة القلب والتحمل العضلي، خاصة لدى الأشخاص الذين يقضون وقتًا طويلاً جالسين،
وماذا نعني بـ “وجبات التمارين السريعة”؟
هي ببساطة لحظات قصيرة من النشاط تستمر من دقيقة إلى خمس دقائق، يقوم الشخص بأدائها عدة مرات خلال اليوم،
يمكن أن تتضمن هذه الوجبات صعود السلالم بسرعة، أو أداء تمارين بسيطة كالقرفصاء، أو حتى المشي السريع بين المهام اليومية،
يؤكد الدكتور ميغيل أنخيل رودريغيز من جامعة أوفييدو الإسبانية — الباحث الرئيسي في الدراسة — أن هذه الطريقة “تمثل وسيلة عملية لتكوين عادة الحركة دون الحاجة لمعدات أو بيئة تدريب خاصة”، موضحًا أن الفوائد تزداد مع الالتزام المنتظم،
كيف أجريت الدراسة؟
حلل فريق رودريغيز 11 تجربة علمية أجريت في أربع دول مختلفة، شملت 414 مشاركًا من أستراليا وكندا والصين والمملكة المتحدة،
على الرغم من اختلاف شدة التمارين وتكرارها بين المجموعات، كانت النتيجة واضحة: فقد أظهر الذين قاموا بممارسة هذه الجلسات القصيرة بانتظام تحسنًا ملحوظًا في كفاءة القلب والرئتين مقارنة بالذين ظلوا غير نشطين،
وعن كبار السن، فقد أظهرت النتائج أيضًا زيادة في قدرة التحمل العضلي، لكن بمستوى يقين علمي محدود، مما يستدعي ضرورة إجراء دراسات أكبر في المستقبل،
لماذا تُحدث هذه الفترات القصيرة فرقًا؟
ترجع أهمية هذه الفترات إلى دورها في كسر فترات الخمول الطويلة التي تؤثر سلبًا على الدورة الدموية وتبطئ معدلات الأيض،
يوضح الدكتور غاريت آش، أستاذ مساعد في كلية الطب بجامعة ييل، أن “التوقف المتكرر عن الجلوس حتى لدقائق بسيطة ينعش الجسم بطرق لا توفرها حتى الجلسات الرياضية الطويلة إذا تلتها ساعات من الخمول”، موضحًا أن التأثير الإيجابي لهذه الانقطاعات مستقل عن مدة التمرين نفسها،
ويرى أن هذه الطريقة تعتبر أكثر واقعية من الالتزام بنصف ساعة متواصلة يوميًا، خاصة للأشخاص الذين يواجهون صعوبات في التنظيم أو الالتزام،
ليست علاجًا سحريًا… لكنها بداية فعّالة
رغم النتائج المشجعة، أشارت الدراسة إلى أن “وجبات التمارين” لم تظهر تغييرات ملحوظة في ضغط الدم أو مستويات الدهون أو تركيب الجسم، ويُرجع العلماء ذلك إلى قصر الفترة التجريبية وصغر عدد المشاركين،
ومع ذلك، فإن دمج هذه الفترات القصيرة في الروتين اليومي يمثل خطوة أولية نحو تكوين عادة حركية يمكن أن تتطور لاحقًا إلى مزيد من الممارسات المنتظمة والطويلة،
كيف تطبقها في حياتك؟
استفد من الدقائق بين الاجتماعات أو المهام لممارسة حركة نشطة،
اختَر السلالم بدلاً من المصعد،
نفذ تمرين القرفصاء أو الجلوس والوقوف عشر مرات متتالية خلال اليوم،
استخدم منبهًا لتذكير نفسك بالحركة كل ساعة،
حتى الرياضيين يمكنهم استفادة من هذه الطريقة، إذ إن الجلوس لساعات بعد التمرين يضعف التأثير الفسيولوجي للنشاط الصباحي، توزيع الجهد طوال اليوم يمنح الجسم فوائد مستمرة ويقلل من فترات الخمول،

تعليقات