
استهدفت الولايات المتحدة الأمريكية ثلاث منشآت نووية إيرانية هي "فوردو" و"نطنز" و"أصفهان" باستخدام 12 قنبلة خارقة للتحصينات من طراز (GBU‑57 MOP) أطلقتها قاذفات B‑2 وصواريخ توماهوك,
في المقابل وبينما أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترامب، عن تدمير "فوردو" بالكامل، نفت طهران بشدة وقوع أي أضرار جسيمة في منشآتها النووية, وأكدت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية أن الأضرار كانت محدودة وأن جزءًا صغيرًا فقط من المنطقة المحيطة بموقع "فوردو" النووي قد تعرض لهجوم جوي من قبل قوات معادية، وأن الموقع قد توقف عن العمل بشكل جزئي بعد إخلائه,
لطالما كانت منشأة "فوردو" محط اهتمام بالغ في التحقيقات والتقارير الاستخباراتية، وقد أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن تغييرات متكررة في أنشطة التخصيب داخل المفاعل، بالإضافة إلى تركيب أجهزة متطورة وتجاوزات لشروط الاتفاق النووي,
فما أهمية منشأة "فوردو"، ولماذا تم استهدافها؟
تعتبر منشأة "فوردو" المفاعل النووي الإيراني الأساسي لتخصيب اليورانيوم، ويُطلق عليها رسميًا "منشأة شهيد علي محمدي", وفي السنوات الأخيرة، تمكنت إيران من تخصيب اليورانيوم داخل "فوردو" بنسبة تصل إلى 60%، وهي نسبة قريبة جدًا من الـ 90% اللازمة لإنتاج سلاح نووي، الأمر الذي أثار قلقًا بالغًا لدى القوى الغربية,
وفي عام 2022، بدأت إيران في تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% باستخدام أجهزة "IR-6"، الأمر الذي أثار موجة من الإدانات الدولية، بما في ذلك مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي اعتبر هذه الخطوة تعني أن إيران على بُعد خطوات قليلة من "الاختراق النووي"، أي امتلاك المواد الانشطارية الكافية لصنع سلاح نووي في وقت قصير,
متى بدأ إنشاء المفاعل؟
بدأ بناء منشأة "فوردو" بشكل سري في أوائل القرن الحادي والعشرين، في ظل تصاعد الضغوط الدولية بشأن البرنامج النووي الإيراني, وظلت المنشأة طي الكتمان حتى سبتمبر 2009، عندما أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بشكل مشترك عن اكتشاف المنشأة، متهمين إيران بإخفاء موقع ثانٍ لتخصيب اليورانيوم عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية,
وبعد الإعلان الثلاثي، أقرت إيران رسميًا بوجود المنشأة وسمحت بتفتيشها، مؤكدة أن الموقع مخصص لأغراض سلمية، وتحديدًا إنتاج الوقود للمفاعلات ومحطات الأبحاث النووية, ومع ذلك، أثار البناء السري والموقع المحصن تحت الجبال شكوكًا كبيرة حول احتمال وجود أهداف عسكرية للمنشأة، خاصة في حالة اندلاع نزاع مسلح أو فشل المسار الدبلوماسي,
أين تقع “فوردو”؟
تقع منشأة "فوردو" تحت جبل على عمق يصل إلى 90-100 متر، بالقرب من القرية التي تحمل الاسم نفسه بالقرب من مدينة قم، جنوب غرب طهران، على بعد حوالي 32 كيلومترًا جنوب مدينة قم، في تضاريس جبلية وعرة من سلسلة جبال ألبرز, وما يميز الموقع هو أنه مدفون في عمق جبل يتكون من طبقات حماية طبيعية وصناعية، مما يجعله أكثر أمانًا بكثير من المنشآت المشيدة على سطح الأرض مثل "نطنز" و"بوشهر" وغيرها,
تتركز قاعات التخصيب الأساسية تحت الأرض على عمق يصل إلى حوالي 100 متر، مما يجعل تدميرها باستخدام الغارات الجوية أو القنابل التقليدية أمرًا بالغ الصعوبة, وتقدر المساحة التشغيلية داخل الجبل بعدة آلاف من الأمتار المربعة، وهي مصممة لاستيعاب الآلاف من أجهزة الطرد المركزي والبنية التحتية المرافقة لها,
تم تحصين المنشأة بمئات من أجهزة الطرد المركزي (حوالي 3000) لحمايتها من الضربات الجوية والصاروخية,
ما الأغراض المعلنة للمنشأة؟
الغرض المعلن لمنشأة "فوردو" هو إنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب لاستخدامه في محطات الطاقة النووية, وقد صُممت لتضم حوالي 3000 جهاز طرد مركزي من طراز "IR-1"، موزعة في سلسلتين أساسيتين من التخصيب, وعلى عكس "نطنز" الذي يركز على حجم الإنتاج، فقد بُنيت "فوردو" على مبدأ البقاء الاستراتيجي تحت ظروف التهديد,
وبموجب الاتفاق النووي الذي أُبرم عام 2015، وافقت إيران على تحويل "فوردو" إلى مركز أبحاث لإنتاج النظائر المشعة، وتوقفت عن تخصيب اليورانيوم داخله، كما أزالت أغلب أجهزة الطرد, ولكن بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018 خلال رئاسة دونالد ترامب، استأنفت إيران أنشطة التخصيب، وبدأت تركيب أجهزة طرد متقدمة من طراز "IR-6"، حيث يوجد أكثر من 2000 منها، مما زاد من قدرتها على التخصيب بنسبة مرتفعة,
هل تكفي القنابل الخارقة للتحصينات لتدميرها؟
تتمتع منشأة "فوردو" بمكانة خاصة داخل البنية النووية الإيرانية، خاصة وأن موقعها العميق داخل جبل يجعلها من أصعب الأهداف القابلة للتدمير في الترسانة النووية الإيرانية, كما تُعد خيارًا بديلاً في حال تعرض "نطنز" لهجوم أو تدمير,
تقع المنشأة على عمق يقترب من 100 متر في جبل صخري، مما يجعل تدميرها بالقنابل التقليدية أمرًا شبه مستحيل, ووفقًا لخبراء دفاعيين من أمريكا وإسرائيل، فإنه حتى القنابل الخارقة للتحصينات مثل "GBU-57" قد لا تكون كافية لتدمير المنشأة بالكامل، إلا في حال شن هجمات متكررة ومنسقة بدقة,