
أظهر تقرير دولي حديث ظهور ما يعرف بالحزام الصناعي الجديد، وهو عبارة عن مجموعة من الأسواق الناشئة تشمل مصر والهند والبرازيل، تتجه نحو التفوق على الاقتصادات الصناعية الكبرى في مجال الصناعة النظيفة، ويمثل هذا التطور تحولًا كبيرًا في المشهد الصناعي العالمي، مما يفتح آفاقًا جديدة للنمو المستدام في هذه الدول، ويساهم في تعزيز جهود حماية البيئة.
ويوضح التقرير الصادر عن “ائتلاف المهمة الممكنة” بالتعاون مع “مسرّع الانتقال الصناعي” أن هذه الدول تستحوذ حاليًا على أكثر من نصف الاستثمارات العالمية المعلنة في هذا القطاع، والتي تقدر بنحو 1.6 تريليون دولار، ويأتي ذلك مدفوعًا بالزخم المتزايد في مشروعات الطاقة المتجددة والكيماويات والوقود النظيف.
مصر في طليعة التحول الصناعي
تتبوأ الصين صدارة الدول الرائدة في الصناعة النظيفة، حيث تستحوذ على 25% من الاستثمارات القائمة، تليها الولايات المتحدة بنسبة 22%، ثم الاتحاد الأوروبي بنسبة 14%، ومع ذلك، تبرز أسواق صاعدة مثل مصر كقوة دافعة في هذا التحول، مستفيدة من وفرة الموارد الطبيعية، وانخفاض تكاليف الطاقة المتجددة، والدعم الحكومي المتزايد من خلال سياسات تحفيزية تهدف إلى خلق بيئة صناعية جديدة تتميز بالكفاءة والاستدامة.
ويغطي التقرير مشاريع صناعية ضخمة في مجالات استراتيجية متنوعة، تشمل الألمنيوم والكيماويات والإسمنت والطيران والصلب، ويؤكد أن 59% من هذه المشروعات تتركز في دول الحزام الصناعي الجديد، مقارنة بـ18% في الولايات المتحدة، و10% في أوروبا، و6% فقط في الصين، كما يسلط الضوء على الطموح المتزايد في هذه الأسواق، خاصة في قطاعات واعدة مثل الأمونيا النظيفة ووقود الطيران المستدام، اللذين سجلا أسرع معدلات نمو بين الصناعات النظيفة على مستوى العالم.
وتشير البيانات إلى أن مصر تستحوذ على 7% من القدرة الإنتاجية المخططة عالميًا لمصانع الأمونيا النظيفة، وهي نسبة كافية لتغطية الاحتياجات الزراعية التي تعادل ضعف مساحة الدولة، مما يفتح فرصًا جديدة لتعزيز الأمن الغذائي وتوسيع نطاق سلاسل القيمة المحلية، بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تساهم تكاليف الكهرباء المنخفضة وتقنيات التحليل الكهربائي المتطورة في الأسواق الناشئة في إنتاج الأمونيا النظيفة بتكلفة تقل إلى النصف مقارنة بالدول الصناعية الغربية بحلول عام 2035.
وعلى الرغم من الإعلان عن 826 مشروعًا صناعيًا نظيفًا في 69 دولة، لم يحصل سوى 8 مشروعات فقط على قرار الاستثمار النهائي خلال الأشهر الستة الماضية، في حين لا يزال 692 مشروعًا ينتظر التمويل، ويشدد التقرير على أن تحقيق طفرة في تنفيذ هذه المشروعات يتطلب زيادة حجم التمويل بمقدار خمسة أضعاف، بالإضافة إلى تفعيل دور الحكومات في إطلاق السياسات الداعمة وتحفيز الطلب المحلي والدولي.
كما دعا التقرير الدول إلى الاستفادة من دليل سياسات تحفيز الطلب الأخضر الذي يقدمه “مسرّع الانتقال الصناعي”، والذي يتضمن أدوات عملية مثل:
* تسعير الكربون.
* برامج الوقود النظيف.
* المشتريات الحكومية الخضراء.
وتهدف هذه الأدوات إلى تمكين القطاع الصناعي المحلي وتعزيز القدرة التنافسية على المستوى العالمي.
ويمثل الحزام الصناعي الجديد نموذجًا لتحول اقتصادي عالمي يعيد رسم خريطة الصناعة، ويوفر للدول النامية فرصة استثنائية لتحقيق نمو اقتصادي مستدام، يعتمد على طاقة نظيفة، واستثمارات صناعية خضراء، وتوجهات عالمية نحو الحد من الانبعاثات وتعزيز الأمن الغذائي والطاقي.