
بدأت مصر رسميًا رحلتها نحو قيادة الاتحاد الدولي للغاز بتوليها منصب نائب الرئيس للدورة الحالية الممتدة من 2025 إلى 2028، وهذا يمهد الطريق لتوليها رئاسة الاتحاد في الفترة بين عامي 2028 و2031، ويتم هذا الإنجاز من خلال الجمعية المصرية للغاز والطاقة، لتصبح مصر بذلك أول دولة من قارتي أفريقيا والشرق الأوسط تتبوأ هذا المنصب الرفيع منذ تأسيس الاتحاد قبل قرن من الزمن.
هذا التقدم الكبير يعكس ثقة المجتمع الدولي في قدرات مصر على قيادة مسيرة التحول العالمي في قطاع الطاقة، حسبما صرح به المهندس خالد أبو بكر نائب رئيس الاتحاد الدولي للغاز، وأشار إلى أن مصر تواصل القيام بدورها المحوري في إزالة الكربون من القطاع الصناعي، الذي يمثل نحو 30% من حجم الاقتصاد المصري، ويتم ذلك من خلال إقامة شراكات قوية مع كبرى الشركات الرائدة مثل مجموعة “مالتي مصر”، بالإضافة إلى التزام مصر بالمشاركة الفعالة في المحافل الدولية الهامة مثل مؤتمر المناخ COP27.
### مستهدفات الطاقة
مصر تتبنى استراتيجية طموحة في قطاع الطاقة تهدف إلى الوصول بنسبة الطاقة المتجددة إلى 42% من إجمالي مزيج الكهرباء بحلول عام 2030، كما أوضح أبو بكر، ويتحقق ذلك من خلال تنفيذ أكثر من 24 مشروعًا، تبلغ طاقة كل منها 6 جيجاوات، وقد تم الانتهاء منها حتى عام 2023، بالإضافة إلى وجود مشروعات أخرى قيد التنفيذ منذ عام 2022، وتضيف 24 جيجاوات أخرى إلى القدرة الإنتاجية، وأكد أيضًا أن مصر تسير بخطى ثابتة لتصبح مركزًا عالميًا متميزًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وذلك بفضل البنية التحتية المتطورة التي تمتلكها وقدرتها الكبيرة على جذب المزيد من الاستثمارات الضخمة.
أكد أبو بكر أن تولي مصر لهذا الدور القيادي يأتي في توقيت يشهد فيه قطاع الغاز العالمي تحديات جمة وغير مسبوقة، نتيجة للتقلبات الاقتصادية والبيئية المتزايدة، وأوضح أن مصر سوف تعمل جاهدة على تطوير السياسات وتعزيز أمن الطاقة وتحفيز الاستثمارات، بالإضافة إلى تحقيق توازن دقيق بين الاستدامة والتكلفة المعقولة، وذلك بالتنسيق الكامل مع الرئاسة الإيطالية الحالية للاتحاد.
أكد المهندس محمد فؤاد، السكرتير العام للجمعية المصرية للغاز والطاقة، والمدير العام لفريق الرئاسة المصري للاتحاد، أن الجمعية قد تبنت رؤية شاملة لا تقتصر فقط على الغاز الطبيعي، بل تمتد لتشمل التقنيات منخفضة الكربون ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى، وفي هذا السياق، قامت الجمعية مؤخرًا بإطلاق مجلس استشاري يضم نخبة من كبار قادة القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى الشركاء الدوليين، وذلك بهدف تقديم رؤى استراتيجية متعمقة وتوفير دعم متكامل لبرامج التحول الطاقي الطموحة.
أشار المهندس كريم شعبان، نائب رئيس اللجنة التنسيقية وعضو اللجنة التنفيذية بالاتحاد، إلى أن فريق العمل المصري يسعى بكل جدية إلى ضمان التكامل التام بين لجان الاتحاد، بالإضافة إلى توافق المبادرات التي يتم إطلاقها مع الأولويات التي تحددها الدول الأعضاء، كما أشار إلى أن مصر قد بدأت بالفعل في إعداد برنامج متكامل وشامل لمؤتمر الغاز العالمي 2028، بالإضافة إلى المساهمة الفعالة في تصميم جلسات مؤتمر أبحاث الغاز، وذلك في إطار من التعاون المستمر والوثيق مع لجان البحث والتطوير والابتكار.
تستعد مصر لتنظيم أحد أكبر الأحداث العالمية في صناعة الغاز، بصفتها الدولة المضيفة للدورة الـ 31 من مؤتمر الغاز العالمي عام 2031، الذي يتزامن مع الاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس الاتحاد، وهذا يعزز مكانتها كمركز إقليمي للطاقة، ويجذب استثمارات جديدة، ويؤكد ريادتها في مجالات التحول الأخضر والابتكار التكنولوجي.
تمتلك مصر تاريخًا عريقًا يمتد لأكثر من 50 عامًا في صناعة الغاز، وبفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي المتميز الذي يربط بين ثلاث قارات، بالإضافة إلى بنيتها التحتية المتطورة، فإنها تعتبر مؤهلة بشكل فريد لقيادة التحول العالمي في قطاع الطاقة، وتعتمد حملة مصر في قيادة الاتحاد على شعار “التوافق من أجل مستقبل مستدام”، الذي يجسد التزامها الراسخ بثلاث ركائز أساسية، هي الاستدامة، وأمن الطاقة، والقدرة على تحمل التكاليف.
واختتم المهندس خالد أبو بكر تصريحه قائلاً: “نحن هنا لا نمثل مصر فقط، بل نمثل قارتي أفريقيا والشرق الأوسط في لحظة تحول عالمية فارقة، وسوف نعمل جاهدين على صياغة سياسات طاقة عادلة ومنصفة، وتحقيق التوازن الأمثل بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة، والمساهمة الفعالة في بناء مستقبل طاقي أكثر أمانًا واستدامة للبشرية جمعاء”.