
لا يزال قطاع الطيران العالمي يرزح تحت وطأة التداعيات الناجمة عن الصراع الإيراني الإسرائيلي، لاسيما بعد التصعيد الأخير في أعقاب التدخل العسكري الأميركي، وهو ما يمثل تصعيدًا غير مسبوق للتوترات المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط,
الهجمات الأميركية وإمكانية تفاقم أزمة الطيران العالمية
تمثل التوترات الجيوسياسية في المنطقة خطرًا محدقًا بقطاع الطيران, حيث تسببت في اضطرابات كبيرة من المتوقع أن تستمر بل وربما تتفاقم في المستقبل القريب, ووفقًا لـ “أفييشن سورس نيوز”، وهي منصة بريطانية متخصصة في أخبار الطيران، فإن الآثار قصيرة المدى ستتحول إلى عواقب طويلة الأمد تؤثر على استدامة عمليات الطيران,
تبعًا لمواقع تتبع الرحلات الجوية، اضطرت طائرة بوينغ 787 تابعة للخطوط الجوية البريطانية إلى تغيير مسارها والعودة عبر الأجواء السعودية خلال الهجمات الأمريكية على إيران, كذلك، أعلنت الخطوط الجوية الهندية عن تقليل رحلاتها الدولية بنسبة 15% خلال الأسابيع الأربعة المقبلة، معللة ذلك بهذه التوترات كأحد الأسباب وراء هذا القرار,
تأثيرات مباشرة على حركة الطيران
فيما يتعلق بالرحلات الجوية المباشرة، فقد شهدت مطارات طهران وإسرائيل تراجعًا حادًا, فبين 17 و24 يونيو/حزيران، لم تسجل أي رحلات مجدولة من مطار طهران، بينما انخفضت حركة النقل الجوي التجاري في مطار بن غوريون الإسرائيلي بنسبة 87%,
بالنظر إلى المجال الجوي، تعتبر إيران وإسرائيل نقطتي ارتكاز مهمتين للرحلات الجوية الدولية، خاصة من وإلى أوروبا وآسيا, فمنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول، امتنعت شركات الطيران عن استخدام المجال الجوي الإسرائيلي، بينما استمر استخدام المجال الجوي الإيراني حتى الهجمات الأخيرة التي وقعت قبل أسبوعين تقريبًا,
في هذا السياق، ذكر تقرير صادر عن موقع “ترافل آند تور وورلد” أن أكثر من 500 رحلة جوية قد أُلغيت أو تأخرت في المطارات الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط خلال الأيام الأخيرة,
تداعيات اقتصادية وتشغيلية
تؤدي هذه الاختلالات في جداول الرحلات إلى ارتفاع تكاليف التشغيل لشركات الطيران نتيجةً لزيادة استهلاك الوقود, كما يعاني المسافرون من الرحلات الطويلة والتأخير، مما يؤدي إلى انخفاض الطلب وعدم استقرار بيئة التشغيل,
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعطى الضوء الأخضر لتنفيذ هجمات مباشرة على ثلاث منشآت نووية إيرانية هي: فوردو، ونطنز، وأصفهان, وقد أدى ذلك إلى تأجيج الغضب الإيراني وتصاعد حدة التهديدات المتبادلة, وفي الوقت نفسه، تستعد عدة حكومات لإجلاء مواطنيها من إسرائيل، وعلى رأسها الحكومة البريطانية، التي تقوم بالفعل بتنظيم رحلات جوية خاصة لهذا الغرض,
في حال تفاقمت التوترات وتحولت إلى حرب شاملة، فمن المتوقع أن يشهد القطاع موجة غير مسبوقة من تعليق الرحلات الجوية من قبل شركات الطيران العالمية, وسيزيد هذا الوضع سوءًا بسبب ارتفاع تكاليف تشغيل الرحلات الدولية نتيجة للزيادة الكبيرة المتوقعة في أسعار النفط، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف التأمين ضد الحرب، وهو عبء مالي إضافي تسعى شركات الطيران لتجنبه,
أيضًا، ستؤثر مخاوف المسافرين وعدم اليقين بشأن المستقبل سلبًا على حجوزات السفر إلى المنطقة، خاصة مع احتمال فرض قيود تنظيمية أو سياسية على شركات الطيران الأمريكية وشركائها، مما يمنعها من التحليق فوق المجال الجوي الإيراني,
في السيناريوهات الأكثر تطرفًا، يزداد خطر إسقاط طائرة عن طريق الخطأ، كما حدث مع رحلة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية رقم 752 في عام 2020، وهو سيناريو كارثي يخشى الجميع تكراره,
ستؤثر هذه التطورات على تعقيد عمليات الطيران على مستوى العالم، وخاصة على شركات الطيران الأوروبية والآسيوية والخليجية, وفي الوقت نفسه، ستشكل تحديات إضافية لسلاسل التوريد الجوي، وتحديدًا لحركة الشحن بين آسيا وأوروبا عبر الشرق الأوسط,