«أكاذيب في دائرة الضوء!» واشنطن بوست تفضح: ترامب يضلل العالم والرأي العام الأمريكي حول قصف إيران!

كشفت صحيفة واشنطن بوست عن تزايد إدراك الشعب الأمريكي بأن الرئيس دونالد ترامب قد مارس التضليل على المستوى العالمي، بما في ذلك تضليل الرأي العام داخل الولايات المتحدة، وذلك بعد تصريحه يوم الخميس الماضي بأنه سيستغرق مدة تصل إلى أسبوعين لاتخاذ قرار بشأن شن غارات جوية على إيران، وهو ما أثار جدلاً واسعًا، وأثار العديد من التساؤلات حول دوافع الإدارة الأمريكية الحقيقية، والهدف النهائي من هذه التحركات.
وفي افتتاحية نشرتها الصحيفة يوم الأحد، أشارت إلى أن ترامب ادعى في خطاب ألقاه الليلة الماضية أن الولايات المتحدة قد نجحت في تدمير منشآت نووية إيرانية بالكامل في كل من نطنز وفوردو، بالإضافة إلى منشأة تخصيب اليورانيوم الواقعة في أصفهان، كما دعا الرئيس الأمريكي الحكومة في طهران إلى السعي نحو السلام، محذرًا إياها من أنها ستواجه كارثة أكبر بكثير من تلك التي شهدتها خلال الأيام الثمانية الماضية، وأكد أن هناك العديد من الأهداف الأخرى التي يمكن للولايات المتحدة استهدافها، مما يزيد من حدة التوتر في المنطقة.
وكتبت الصحيفة معلقةً: “لا يوجد شك في ذلك”، “ولكن بعد أن زج بالولايات المتحدة في حرب مريرة مع إيران، وهي الحرب التي يبدو أن الجيش الأمريكي كان على أهبة الاستعداد لها بشكل كامل، بينما لم يكن بقية البلاد على نفس القدر من الاستعداد، لم يوضح ترامب المعنى الحقيقي للسلام، الأمر الذي يثير تساؤلات حول الاستراتيجية الأمريكية طويلة الأمد في المنطقة”.
وقد طرحت الصحيفة مجموعة من التساؤلات الهامة، مثل: هل هذا يمثل التزامًا حقيقيًا من جانب طهران بعدم السعي أبدًا لامتلاك أسلحة نووية، أم أن الأمر يتعلق بإنهاء حالة العنف في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما ذكره ترامب صراحةً الليلة الماضية، أم أنه يهدف إلى تغيير النظام الحاكم في إيران، علمًا بأن ترامب كان قد دعا إلى استسلام غير مشروط قبل شن الهجمات، وما هو الشيء الذي سيرضيه بخلاف هذا المطلب، وما هو حجم الموارد الأمريكية التي سيتم تخصيصها لتحقيق هذا الهدف؟
ما هي الأهداف الحقيقية من وراء هذه الحرب؟
في خضم هذه التطورات المتسارعة، يثور تساؤل محوري حول الأهداف الحقيقية التي تسعى الولايات المتحدة لتحقيقها من خلال هذه الحرب، فهل يتعلق الأمر بردع إيران عن تطوير أسلحة نووية، أم أنه يمتد ليشمل تغيير النظام السياسي في طهران، وما هي التكلفة التي ستتحملها الولايات المتحدة لتحقيق هذه الأهداف؟ إن هذه الأسئلة تتطلب إجابات واضحة ومحددة، حتى يتمكن الشعب الأمريكي وممثلوه في الكونغرس من فهم طبيعة الصراع الدائر، واتخاذ القرارات المناسبة بشأنه.
ضرورة الوضوح الاستراتيجي
أشارت صحيفة واشنطن بوست إلى أن الغموض الاستراتيجي قد يكون مفيدًا في بعض الأحيان لخداع الخصم، ومع ذلك، فإن الشعب الأمريكي وممثليه في الكونغرس، الذين يمتلكون السلطة الدستورية لإعلان الحرب، يحتاجون إلى فهم واضح لما يسعى ترامب إلى تحقيقه، وكيف ينوي تحقيق ذلك، فمن غير المقبول أن تظل الأهداف الحقيقية للحرب مبهمة وغير محددة، خاصةً وأن الأمر يتعلق بمستقبل البلاد ومصالحها.
وأضافت الصحيفة أن ترامب اتخذ قرارًا بالدخول في هذا الصراع، مبررًا ذلك بأن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي تمتلك قنابل خارقة للتحصينات، وهي الأنسب لتدمير المنشآت النووية الإيرانية، ولذلك، وكما أوضح يوم السبت، يجب عليه ضمان تدمير البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل، وهذا يعني تدمير المنشآت التي تعرضت للهجوم، بالإضافة إلى تدمير جميع القدرات المتبقية لإنتاج الأسلحة، ثم يجب عليه إبرام اتفاق مع طهران يضمن وقفًا دائمًا لبرنامجها النووي.
من المؤكد أنه بعد هذه الهجمات، ستبحث الحكومة الإيرانية عن تحقيق الأمن الذي توفره الأسلحة النووية لنظامها، وستفعل ذلك بقدر أكبر من السرية والتكتم عما مضى، كما يجب على الرئيس الأمريكي أن يمنع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من تصعيد هذا الصراع، مشيرةً إلى أن نتنياهو قد زج بالولايات المتحدة في هذه الحرب بالفعل، ويجب على ترامب ألا يسمح له بإملاء شروط إنهائها.
واختتمت الصحيفة الأمريكية مقالها بالإشارة إلى أن إيران قد تلجأ، على المدى القصير على الأقل، إلى التقليل من حجم ردها، وأن تجلس مع ترامب للتفاوض على اتفاق يجبرها على التراجع بشكل نهائي، أو قد يتبع ذلك حملة تصعيد متبادلة من الهجمات والهجمات المضادة، وقد لا يمثل تدمير مواقع الأسلحة النووية الفردية مصدر قلق كبير مقارنةً بإضعاف قدرة إيران على تعطيل حركة التجارة في الخليج، أو القيام بعمليات أخرى غير متكافئة.
وتساءلت الصحيفة: إلى أي مدى سيشعر ترامب بأنه مجبر على وقف هذه الهجمات بالقوة، أو على الأقل سيحاول ذلك، وإلى أي مدى سيكتفي الرئيس الأمريكي بتقييد البرنامج النووي الإيراني، بدلًا من الحد من قدرة إيران على إنتاج ونشر الأسلحة التقليدية، وإلى متى سيستمر في إطالة أمد هذا الصراع لتحقيق أهداف تتجاوز مجرد كبح طموحات إيران النووية؟
وأجابت بأن الإبقاء على الغموض بشأن هذه النقاط ليس بالأمر المفيد من الناحية الاستراتيجية، خاصةً عندما يتعلق الأمر ببناء القبول الشعبي لحرب لم يكن أحد يتوقع قبل أسابيع قليلة فقط أن الولايات المتحدة ستخوضها.