تسعى بعض شركات العملات المشفرة للتأثير على المشهد السياسي الأميركي، من خلال ضخ استثمارات كبيرة في صفوف الديمقراطيين، وذلك بهدف رئيسي هو تمرير تشريعات تدعم هذا القطاع في الكونجرس، بالإضافة إلى رغبتهم في ضمان استمرار هذه القوانين حتى بعد انتهاء ولاية الرئيس دونالد ترمب, وذلك من خلال استمالة الديموقراطيين
في خطوة مماثلة، قامت منصة تداول العملات المشفرة “كوين بيس غلوبال” بتعيين ديفيد بلوف، المستشار البارز في حملة كامالا هاريس الرئاسية لعام 2024، والمساعد السابق للرئيس باراك أوباما، كعضو في مجلسها الاستشاري العالمي, مما يعكس التوجه نحو تعزيز العلاقات مع الشخصيات الديمقراطية المؤثرة
وفي سياق متصل، قامت شركة “تيذر هولدينجز” (Tether Holdings)، الرائدة في مجال العملات المستقرة، بتسجيل شركة “ليليت أدفايزرز” (Lilette Advisors)، التي أسسها مسؤولون سابقون في إدارة الرئيس جو بايدن، لتمثيل مصالحها والعمل كمجموعة ضغط, وذلك وفقًا لملفات الإفصاح العامة التي تم تقديمها في نهاية شهر مايو الحالي, كما تم ذكر اسم أنكيت ديساي، الشريك في الشركة والذي كان يعمل سابقًا مع بايدن، كممثل لمصالح “تيذر” المسجلة في السلفادور, وهذا يوضح مدى أهمية العلاقات مع الديمقراطيين في استراتيجية الشركة
دعم الديمقراطيين للعملات المشفرة
أوضح أوستن كامبل، الأستاذ المساعد في كلية “ستيرن” لإدارة الأعمال بجامعة نيويورك ورئيس شركة “دبليو إس بي إن يو إس إيه” (WSPN USA) المتخصصة في العملات المستقرة، أن “الديمقراطيين من المرجح أن يستعيدوا السيطرة على أحد مجلسي الكونغرس الأميركي أو الرئاسة على المدى الطويل، وبالتالي، إذا جعلت هذه الصناعة محسوبة بوضوح على حزب واحد، فإنك بذلك تعرض نفسك لمخاطر كبيرة”, وهذا يؤكد على أهمية بناء علاقات قوية مع كلا الحزبين
وفي شهر مايو الماضي، قامت شركة “أندريسن هورويتز” (Andreessen Horowitz)، وهي واحدة من أكبر المستثمرين في قطاع العملات المشفرة، بتعيين مايكل ريد، المستشار السابق لكاثرين كلارك، نائبة زعيمة الأقلية في مجلس النواب، كشريك في شؤون العلاقات الحكومية, والجدير بالذكر أن مؤسسي الشركة المعروفة باسم “إيه16 زد” (a16z) كانوا من كبار المتبرعين لحملة ترمب الرئاسية خلال عام 2024, وهذا يوضح التوجه نحو تغطية جميع الاحتمالات السياسية
يلعب الديمقراطيون دورًا حيويًا في تمرير تشريعات العملات المشفرة داخل مجلس الشيوخ، حيث يتطلب الأمر الحصول على 60 صوتًا لتجاوز العقبات الإجرائية المتعلقة بمعظم مشاريع القوانين, وهذا يجعل دعمهم ضروريًا لنجاح أي تشريع متعلق بالعملات المشفرة
لقد أثمرت الحملة الضخمة التي شنتها شركات العملات المشفرة لإنفاق الأموال على دعم المرشحين الديمقراطيين المتعاطفين مع القطاع ومهاجمة المعارضين لهم، حيث صوت مجلس الشيوخ في 12 يونيو الحالي بأغلبية 67 صوتًا مقابل 27 صوتًا لصالح إنهاء النقاش حول مشروع قانون العملات المستقرة المعروف باسم “قانون جينيوس” (GENIUS Act), وقد صوت 16 ديمقراطيًا مع الأغلبية الجمهورية، وتم إقراره نهائيًا أمس الأول، على الرغم من أن الجمهوريين نجحوا في عرقلة مساعي الديمقراطيين لإضافة تعديلات تمنع ترمب من الاستفادة المالية من مشاريعه المتعددة في مجال العملات المشفرة, وهذا يوضح قوة تأثير هذه الحملات على القرارات التشريعية
هيكلة سوق العملات المشفرة
تتزايد مخاوف شركات العملات المشفرة من أن يكون مشروع قانون العملات المستقرة، الذي لا يزال بحاجة إلى موافقة مجلس النواب، هو التشريع الوحيد المرتبط بالأصول الرقمية الذي سيتم الموافقة عليه ليصبح قانونًا, لذلك، تسعى هذه الشركات جاهدة لضمان عدم تعثر مشروع قانون هيكلة السوق الأوسع، والذي تم تمريره الأسبوع الماضي من قبل لجنتي الخدمات المالية والزراعة بتوافق حزبي, وهذا يعكس رغبة الشركات في الحصول على إطار تنظيمي شامل يحمي مصالحها ويعزز نمو القطاع