يشهد اليورو صعوداً ملحوظاً في سوق خيارات العملات العالمي، مدفوعاً بتخلي المتداولين عن الدولار بسبب حالة عدم اليقين التي تكتنف السياسات الأمريكية وتداعيات الحرب التجارية العالمية، مما يعزز مكانة العملة الأوروبية الموحدة كملاذ آمن وموثوق، ويدفعها نحو مزيد من الازدهار في الأسواق العالمية، ويؤكد على أهميتها المتزايدة في النظام المالي العالمي.
تحولات ملحوظة في أحجام التداول
شهدت أحجام التداول تحولاً لافتاً، حيث انتقلت نسبة تتراوح بين 15% و30% من العقود المرتبطة بالدولار مقابل العملات الرئيسية إلى اليورو، وفقاً لبيانات شركة الإيداع والمقاصة “ديبوزيتوري ترست آند كليرينغ” (Depository Trust & Clearing Corporation) خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري مقارنة بالأشهر الخمسة الأخيرة من عام 2024، وتشير هذه البيانات أيضاً إلى أن اليورو يكتسب مكانة متزايدة كملاذ آمن، وهو الدور الذي كان يلعبه الدولار تقليدياً، بالإضافة إلى استخدامه للمراهنة على التحركات الكبيرة في الأسواق المالية.
اليورو يتصدر المشهد في سوق العملات
على الرغم من أن الصفقات التي تشمل الدولار لا تزال تهيمن على سوق العملات الذي يبلغ حجمه 7.5 تريليون دولار يومياً، إلا أن هذه المعطيات قد تكون مؤشراً مبكراً على أن العملة الخضراء تواجه منافسة متزايدة بصفتها عملة الاحتياطيات العالمية، ويتجنب المتداولون الدولار بعد أكبر تراجع له منذ سنوات، في حين يبدو أن العملة الموحدة لأوروبا هي الرابح الأكبر، مستفيدة من مليارات الدولارات التي تضخها الحكومات في شكل إنفاق تحفيزي للاقتصاد.
أوليفر برينان، استراتيجي الخيارات في “بي إن بي باريبا” (BNP Paribas)، يرى أنه “إذا كنا ننتقل إلى بيئة تصبح فيها تدفقات أوروبا أكثر أهمية، فقد نكون بصدد الانتقال إلى بيئة تهيمن فيها أزواج اليورو على كل شيء”.
حتى الآن خلال العام الجاري، ارتفعت العملة الموحدة لأوروبا بنسبة 11% مقابل الدولار، مسجلة أعلى مستوى لها منذ عام 2021 عند أكثر من 1.16 دولار، وفي المقابل، تراجع الدولار أمام جميع العملات الرئيسية، مع انخفاض مؤشره بأكثر من 7% إلى أدنى مستوياته منذ عام 2022، الأمر الذي يقوض الثقة في الأصول الأمريكية.
تفاقم النظرة التشاؤمية تجاه الدولار
ربما لم يصل هذا التراجع إلى أدنى مستوياته بعد، حيث توقع مدير صندوق التحوط البارز، بول تيودور جونز، انخفاضاً إضافياً بنسبة 10% للدولار خلال العام المقبل، وتشير عقود عكس المخاطر، وهي مقياس لاتجاهات السوق في سوق الخيارات، إلى تزايد التشاؤم بشأن الدولار مقابل الين، بينما تبدو أقل تشاؤماً بشأن اليورو-ين، وهذا يعتبر “إشارة مهمة جداً” بالنسبة لليورو، بحسب برينان.