«لحظة حاسمة» أولى جلسات استئناف المتهم بالحكم في قضية الطفل البريء ياسين

«لحظة حاسمة» أولى جلسات استئناف المتهم بالحكم في قضية الطفل البريء ياسين

تستعد محكمة جنايات مستأنف الدائرة الثالثة في دمنهور، برئاسة المستشار أشرف عبد الحفيظ عياد، وعضوية كل من المستشار إيهاب الشنواني والمستشار فخر الدين عبد التواب والمستشار محمد سعيد، للنظر بعد غد الاثنين الموافق 23 يونيو الجاري في جلسة استئناف المتهم “ص ك ج”، وذلك لمحاكمته في القضية المتعلقة بواقعة الطفل ياسين

وتأتي هذه الجلسة، بعد أن أودعت الدائرة الأولى جنايات دمنهور حيثيات حكمها في القضية رقم 33773 لسنة 2024 جنايات مركز دمنهور ضد المتهم “ص”، في اتهامه بهتك عرض الطفل ياسين، وهي القضية المعروفة إعلاميًا بواقعة الطفل ياسين، وذلك على النحو المبين في التحقيقات

وفي سياق متصل، يثير موضوع أركان جناية هتك العرض بالقوة تساؤلات مهمة، فالركن المادي لهذه الجريمة يشتمل على الفعل المخل بالحياء، والذي يمثل سلوك الجاني، بالإضافة إلى عنصري القوة أو التهديد، إذ أن الحق المعتدى عليه في جريمة هتك العرض وفقًا للمادة 268 من قانون العقوبات هو الحرية الجنسية للمجني عليه، سواء كان رجلًا أو امرأة، طفلًا أو طفلة، والفعل الذي يمثل هتك العرض في هذه الجريمة يتميز بمساسه بجسم المجني عليه، حيث يعد إخلالًا عمديًا بالحياء العرضي يقع على جسم المجني عليه ويمتد إليه، ويمس عورته ويخدش عاطفة الحياء لديه من هذه الناحية، والفكرة الأساسية هنا تتمثل في المساس بحصانة الجسم وحماية المناعة الأدبية

وهذه الحصانة هي التي يصون بها الرجل أو المرأة عرضه من أية ملامسة مخلة بالحياء، ولا يشترط لتحقق الجريمة الكشف عن العورة، كما لا يشترط أن يترك الفعل أثرًا على جسم المجني عليه، فالجريمة تقع حتى لو كان كل من الجاني والمجني عليه يحتفظان بملابسهما كاملة، وهي تتحقق بمجرد ملامسة الجاني لمواضع العفة أو العورة بجسم المجني عليه، ويكفي لتوفر هذا الركن أن يبلغ الفعل الواقع على جسد المجني عليه حدًا من الفحش والإخلال بالحياء العرضي يسوغ اعتباره هتكًا للعرض، ومن ثم فإن أي مساس بجزء من جسم الإنسان داخل فيما يعبر عنه بالعورات يعد من قبيل هتك العرض، أما بالنسبة لعنصري القوة أو التهديد في الركن المادي لهذه الجريمة، فإن لفظ القوة يشير إلى الإكراه المادي، بينما يعني لفظ التهديد الإكراه المعنوي، والإكراه المعنوي يتمثل في الضغط الذي يمارسه الجاني على نفسية وشعور المجني عليه، بحيث يفسد حريته في الاختيار ويمنعه من ممارستها بالشكل الطبيعي، مما يسلب إرادته، ولكنه لا يلغيها بشكل كلي، كما هو الحال في الإكراه المادي كتهديد المجني عليه بأمر يخشى عواقبه، أو بإلحاق ضرر جسيم به، فالخضوع أو الإذعان أو السكوت المنسوب للمجني عليه في هذه الحالة يمثل إكراهًا معنويًا لا يتوفر معه الرضاء الصحيح

وبناءً على ما اطمأنت إليه المحكمة من أدلة الثبوت التي قدمت، وتماسك الأدلة القولية والفنية التي استندت إليها، فإنها تؤاخذ المتهم بالنتائج التي توصلت إليها من هذه الأدلة، وذلك اطمئنانًا منها إلى تعرف الطفل المجني عليه على المتهم خلال العرض القانوني، وصدق رواية الشهود، وما ثبت بتقرير الطب الشرعي وشهادة الطبيب الشرعي، والمحكمة ترفض إنكار المتهم للاتهام ولا تعول عليه، لأنه ليس سوى وسيلة بائسة للتخلص من التهمة الموجهة إليه، إذ أن هدفه من ذلك هو التنصل من الاتهام والإفلات من العقاب، وهو ما ترفضه العدالة والمحكمة، ومتى كان ما تقدم، فإنه قد ثبت للمحكمة بشكل قاطع ويقيني أن المتهم:

والمحكمة، حسبما استقر في وجدانها من أدلة الثبوت التي قدمتها سلطة الاتهام في الدعوى، ترى أن جناية هتك العرض بالقوة تتطلب وجود ركن مادي يشمل الفعل المخل بالحياء، وهو سلوك الجاني، بالإضافة إلى عنصري القوة والتهديد، وأن وقائع كل دعوى وظروفها تحدد المسار الذي يسلكه القاضي، ولا يوجد رقيب على ذلك إلا ضميره وحده

وتابعت حيثيات الحكم، أن المتهم ارتكب الجريمة المرفوعة بها الدعوى ويجب أن يدين ويوقع عليه العقاب، ولا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن يبنى كل دليل منها، بل يجب أن تكون الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها البعض، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة، بل بما استقر في وجدانها بطريق الاستنتاج وكافة الممكنات العقلية

وبعد الاطلاع على المواد القانونية ذات الصلة، حكمت المحكمة حضوريًا بمعاقبة المتهم “ص” بالسجن المؤبد عما أسند إليه، وألزمته بالمصاريف الجنائية، وفي الدعوى المدنية المقامة من الولي الطبيعي على الطفل المجني عليه، قررت المحكمة إحالتها إلى المحكمة المختصة وأبقت الفصل فيها