«تحذير عاجل» بعد استهداف إسرائيل مواقع إيران النووية.. خبراء يوضحون مخاطر التلوث الإشعاعي

«تحذير عاجل» بعد استهداف إسرائيل مواقع إيران النووية.. خبراء يوضحون مخاطر التلوث الإشعاعي

يشير خبراء إلى أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة على مواقع إيران النووية لا تنطوي حاليًا إلا على احتمالات تلوث محدودة، لكنهم في المقابل يحذرون من أن استهداف محطة بوشهر النووية قد يتسبب في كارثة إشعاعية واسعة النطاق.

وكشفت وكالة رويترز في تقرير لها أن مساعي إسرائيل لتقويض القدرات النووية الإيرانية خلال حملتها العسكرية ضد طهران تثير مخاوف جدية بشأن احتمال وقوع كارثة نووية مدمرة.

وفي تطور لافت، أعلن الجيش الإسرائيلي يوم الخميس عن ضربة استهدفت موقع بوشهر، الذي يضم محطة الطاقة النووية الوحيدة في إيران، لكنه سرعان ما تراجع معترفًا بأن هذا الإعلان كان غير دقيق.

في المقابل، أكدت إسرائيل تنفيذها سلسلة من الهجمات على مواقع نووية في نطنز وأصفهان وآراك وطهران، مؤكدة أن هدفها هو منع إيران من تطوير قنبلة نووية، بينما تصر طهران على نفي سعيها لامتلاك أسلحة نووية.

الجدير بالذكر أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أفادت بوقوع أضرار في منشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز، وكذلك في المجمع النووي في أصفهان، بما في ذلك منشأة تخصيب اليورانيوم، بالإضافة إلى منشآت إنتاج أجهزة الطرد المركزي في كل من كرج وطهران.

كما استهدفت إسرائيل موقع آراك، المعروف أيضًا باسم خُنداب، وهو مفاعل أبحاث يعمل بالماء الثقيل قيد الإنشاء، ويُعد هذا النوع من المفاعلات قادرًا على إنتاج البلوتونيوم بسهولة، والذي يمكن استخدامه، مثل اليورانيوم المخصب، في تصنيع نواة قنبلة نووية.

وأفادت الوكالة بأنها تلقت معلومات حول قصف مفاعل خُنداب، لكنه لم يكن قيد التشغيل، ولم تسجل الوكالة أي آثار إشعاعية، وفي تحديث لتقييمها يوم الجمعة، ذكرت أن مباني رئيسية قد تضررت في الموقع.

ونقلت وكالة رويترز عن بيتر براينت، الأستاذ بجامعة ليفربول في إنجلترا والمتخصص في علوم الحماية من الإشعاع وسياسات الطاقة النووية، قوله إنه لا يشعر بقلق بالغ بشأن التداعيات النووية الناجمة عن الضربات حتى الآن.

وأشار إلى أن موقع آراك لم يكن في حالة تشغيل، وأن منشأة نطنز تقع تحت الأرض، مؤكدًا عدم ورود أي تقارير عن حدوث تسرب إشعاعي.

وأردف قائلاً: “المسألة الأساسية تكمن في السيطرة على ما حدث داخل تلك المنشأة، ولكن يجب الأخذ في الاعتبار أن المنشآت النووية مصممة خصيصًا لهذا الغرض، فاليورانيوم لا يمثل خطورة إلا في حال استنشاقه أو ابتلاعه أو دخوله الجسم بمستويات تخصيب منخفضة”.

من جهتها، أوضحت داريا دولزيكوفا، كبيرة الباحثين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، أن الهجمات على المنشآت في بداية دورة الوقود النووي، أي المراحل التي يتم فيها تحضير اليورانيوم للاستخدام في المفاعل، تشكل في المقام الأول مخاطر كيميائية وليست إشعاعية.

وأضافت أنه في منشآت التخصيب، “عندما يتفاعل سادس فلوريد اليورانيوم مع بخار الماء في الهواء، فإنه ينتج مواد كيميائية ضارة”.

وأوضحت أن مدى انتشار أي مادة يعتمد على عوامل متعددة، بما في ذلك الظروف الجوية، مضيفة أنه “في حالة الرياح المنخفضة، من المتوقع أن تستقر معظم المواد بالقرب من المنشأة، أما في حالة الرياح القوية، فستنتقل المواد لمسافات أبعد، ومن المرجح أيضًا أن تنتشر على نطاق أوسع”.

وقال سايمون بينيت، الذي يرأس وحدة السلامة والأمن المدني بجامعة ليستر في بريطانيا، إن المخاطر البيئية ستكون ضئيلة إذا قصفت إسرائيل منشآت تحت الأرض، معللاً ذلك بأن “المواد النووية ستدفن في آلاف الأطنان من الخرسانة والأتربة والصخور”.

المفاعلات النووية

يبقى التخوف الأكبر متمثلًا في إمكانية توجيه ضربة لمفاعل بوشهر النووي الإيراني.

ويرى ريتشارد ويكفورد، الأستاذ الفخري لعلم الأوبئة في جامعة مانشستر، أنه في حين أن التلوث الناجم عن الهجمات على منشآت التخصيب سيمثل “مشكلة كيميائية في الأساس” للمناطق المحيطة، فإن إلحاق أضرار جسيمة بمفاعلات الطاقة الكبيرة “أمر مختلف تمامًا”.

وأضاف أن العناصر المشعة ستنطلق إما عبر سحابة من المواد المتطايرة أو في البحر.

وذكر جيمس أكتون، المدير المشارك لبرنامج السياسات النووية في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، أن الهجوم على بوشهر “قد يتسبب في كارثة إشعاعية كاملة”، بينما الهجمات على منشآت التخصيب “من غير المرجح أن تتسبب في عواقب وخيمة خارج الموقع”.

وأضاف أن اليورانيوم قبل دخوله إلى المفاعل النووي لا يكون مشعًا تقريبًا، وأن “سداسي فلوريد اليورانيوم سام، لكنه في الواقع لا ينتقل لمسافات طويلة، وهو غير مشع تقريبًا، وحتى الآن، كانت العواقب الإشعاعية لهجمات إسرائيل معدومة تقريبًا”، معربًا عن معارضته للحملة الإسرائيلية.

وختم بينيت من جامعة ليستر حديثه بالإشارة إلى أن مهاجمة الإسرائيليين لمحطة بوشهر سيكون “تصرفًا متهورًا”، نظرًا لأنهم قد يخترقون المفاعل، وهو ما يعني إطلاق مواد مشعة في الغلاف الجوي.