«نظرة عن كثب» انخفاض طفيف في ملكية الأجانب لسندات الخزانة الأمريكية في أبريل

«نظرة عن كثب» انخفاض طفيف في ملكية الأجانب لسندات الخزانة الأمريكية في أبريل

على الرغم من التقلبات التي شهدتها الأسواق المالية عقب إعلان الرئيس دونالد ترمب عن خطط لزيادة الرسوم الجمركية بشكل غير مسبوق منذ عقود، حافظت حيازات المستثمرين الأجانب من سندات الخزانة الأمريكية على مستويات قياسية مرتفعة في شهر أبريل، مما يعكس ثقة مستمرة في الاقتصاد الأمريكي على الرغم من التحديات التجارية المحتملة.

أظهرت البيانات الصادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية يوم الأربعاء أن إجمالي الحيازات الأجنبية من سندات الخزانة بلغ 9.01 تريليون دولار خلال شهر أبريل، مسجلاً ثاني أعلى رقم على الإطلاق، مع انخفاض طفيف يقدر بـ 36 مليار دولار فقط مقارنة بشهر مارس، ما يشير إلى استقرار نسبي في جاذبية هذه السندات للمستثمرين الدوليين.

يعزى هذا الانخفاض الطفيف في الغالب إلى عمليات بيع صافية من قبل المستثمرين الأجانب من القطاع الخاص في السندات والأذون الأمريكية، في حين كانت الكيانات الرسمية (مثل البنوك المركزية وصناديق الثروة السيادية) من المشترين الصافين لسندات الخزانة طويلة الأجل، مما يعكس توازناً في سلوك المستثمرين الأجانب تجاه الدين الأمريكي.

بينما أظهرت البيانات ارتفاعاً في حيازات كل من اليابان والمملكة المتحدة، شهدت حيازة الصين انخفاضاً، إلا أن هذا التراجع في الحيازات الإجمالية جاء متماشياً مع توقعات بعض المشاركين في السوق، مما يشير إلى أن المستثمرين كانوا يتوقعون بعض التعديلات في مواقف الدول المختلفة تجاه سندات الخزانة الأمريكية.

تغير مفاجئ في الإقبال على السندات

بعد إعلان ترمب عن الرسوم الجمركية في الثاني من أبريل، والذي وصفه بـ “يوم التحرير”، شهدت الأسهم انهياراً، وهو سيناريو تقليدي يدفع المستثمرين نحو سندات الخزانة الأمريكية كملاذ آمن، مما يؤكد دور هذه السندات كمخزن للقيمة في أوقات عدم اليقين.

ولكن هذه المرة، حدث العكس، حيث سجلت سندات الخزانة أكبر انخفاض لها منذ أكثر من عقدين خلال الأسبوع الذي تلا الصدمة التجارية، ومع تراجع الدولار أيضاً، أثارت هذه التحركات مخاوف بشأن احتمال حدوث انسحاب واسع النطاق للمستثمرين الأجانب من الأصول الأمريكية، مما زاد من حالة عدم اليقين في الأسواق.

في هذا السياق، صرح فيشال خاندوجا، رئيس فريق الدخل الثابت للأسواق العامة في “مورغان ستانلي إنفستمنت مانجمنت”، معلقاً على بيانات مؤشر أسعار الأصول الأمريكية، بأن “رواية بيع الأصول الأمريكية مبالغ فيها”، ولكنه أضاف: “لكننا نتوقع انخفاضاً بطيئاً ومتقلباً في قيمة الدولار”، مما يعكس وجهة نظر حذرة بشأن مستقبل العملة الأمريكية.

من جهته، قلل وزير الخزانة سكوت بيسنت من أهمية هذه التحركات في أبريل، معتبراً أن تقلبات سوق السندات تعود إلى موجة تقليص مديونية قام بها مستثمرون محددون، وأكد مراراً أن البيانات المتوفرة لديه تشير إلى استمرار الطلب الأجنبي على الدين الأمريكي، مما يعكس ثقة الحكومة في جاذبية أدوات الدين الأمريكية للمستثمرين الدوليين.

لم تشهد سندات الخزانة تغيراً كبيراً في تداولات مساء الخميس بعد صدور البيانات، إذ استقرت عوائد السندات لأجل عشر سنوات عند 4.39%، حيث قام المستثمرون بتقييم أحدث توقعات صناع السياسات في الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة والاقتصاد، مما يدل على أن السوق قد استوعبت إلى حد كبير البيانات الجديدة.

اليابان ترفع حيازاتها والصين تقلصها

بالنسبة لليابان، التي تعتبر أكبر حائز أجنبي لسندات الخزانة الأمريكية، ارتفعت حيازاتها بمقدار 3.7 مليار دولار في أبريل لتصل إلى 1.13 تريليون دولار، مما يعزز مكانتها كأكبر مستثمر أجنبي في الدين الأمريكي.

أما الصين، التي تراجعت في مارس إلى المرتبة الثالثة خلف المملكة المتحدة، فقد بلغت حيازاتها 757 مليار دولار في أبريل، بانخفاض قدره 8.2 مليار دولار عن الشهر السابق، مما يعكس استمرار الصين في تنويع احتياطياتها من النقد الأجنبي بعيداً عن سندات الخزانة الأمريكية.

في المقابل، ارتفعت حيازات بلجيكا، التي يعتقد المحللون أنها تضم حسابات وصاية صينية، بمقدار 8.9 مليار دولار لتصل إلى 411 مليار دولار، كما ارتفعت حيازات المملكة المتحدة بمقدار 28.4 مليار دولار لتصل إلى 807.7 مليار دولار، مما يشير إلى تحولات في توزيع حيازات سندات الخزانة الأمريكية بين مختلف الدول.