صدمة مناخية كبرى لماذا كان عام 2024 الأشد في ذوبان الجليد حول العالم وما المخاطر القادمة التي تهدد المياه والحياة البشرية-

في ظل التحولات المناخية المتسارعة التي يشهدها العالم باتت قضية ذوبان الجليد واحدة من أخطر القضايا البيئية التي تستحوذ على اهتمام العلماء وصناع القرار على حد سواء فالأرقام المسجلة خلال عام 2024 كشفت أن الكرة الأرضية مرت بأكبر فترة ذوبان للجليد في التاريخ الحديث وهو ما يثير موجة من القلق حول مستقبل الموارد المائية وارتفاع منسوب البحار وتغير أنماط المناخ بشكل قد ينعكس مباشرة على حياة مليارات البشر هذه الظاهرة لم تعد مجرد توقعات علمية بل واقع يفرض نفسه بقوة وهو ما دفع خبراء التغير المناخي إلى دق ناقوس الخطر والتحذير من آثار مدمرة إذا لم يتم التحرك العاجل ومن خلال موقع مصر نيوز ستعرف كل التفاصيل.
بداية الظاهرة ونتائج الدراسات المبكرة
أكد الدكتور دريد محاسنة رئيس جمعية إدامة للطاقة والمياه وخبير التغيرات المناخية أن عملية ذوبان الجليد ليست وليدة الأعوام الأخيرة فقط بل بدأت منذ عقود طويلة لكنه أوضح أن تسارعها أصبح واضحا في العقدين الماضيين حيث كشفت دراسة مبكرة أجراها البروفيسور الفرنسي جان جوبير في أوائل الألفينات عن مؤشرات ذوبان واسع للكتل الجليدية بالتزامن مع تغير مقلق في مستويات مياه البحار وقد ربطت هذه الدراسة بوضوح بين هذا الذوبان المتسارع والنشاط البشري المسبب للاحتباس الحراري وهو ما يثبت أن الأزمة ليست طبيعية فقط بل يغذيها الإنسان بشكل مباشر.
العوامل البشرية وراء الكارثة البيئية
أشار محاسنة إلى أن هناك عوامل بشرية متعددة ساهمت في ارتفاع درجات الحرارة بشكل متسارع كان أبرزها قطع الأشجار بشكل عشوائي وخاصة في غابات الأمازون التي تعد رئة الأرض الأساسية إضافة إلى التلوث الهوائي والحراري الناتج عن النشاط الصناعي واستخدام الوقود الأحفوري كمصدر رئيسي للطاقة هذه الممارسات أدت إلى زيادة تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي ما ساهم في رفع درجات الحرارة وحدوث تغيرات مناخية حادة.
السياسات الحكومية ودورها السلبي
انتقد رئيس جمعية إدامة للطاقة والمياه السياسات الحكومية غير المسؤولة التي فاقمت من ظاهرة الاحتباس الحراري وضرب مثالا بما حدث في البرازيل حيث تم قطع آلاف الأشجار خلال فترات قصيرة مما أدى إلى تسريع انبعاث غازات ضارة مثل ثاني أكسيد الكربون والنيتروجين ومع استمرار هذه القرارات غير المدروسة يزداد خطر ذوبان الجليد وبالتالي يرتفع منسوب البحار ويقل تدفق المياه الجوفية التي يعتمد عليها ملايين البشر في الشرب والري.
المخاطر المستقبلية إذا استمرت الظاهرة
حذر محاسنة من أن استمرار ذوبان الجليد بوتيرته الحالية سيؤدي إلى أزمة مياه عالمية حيث ستنخفض كميات المياه الجوفية التي كانت تتجدد طبيعيا سنويا ومع هذا التراجع قد يواجه العالم أزمة في توفير مياه الشرب الصالحة للاستهلاك كما أن ارتفاع منسوب البحار سيهدد مدنا ساحلية كبرى بالغرق ويؤدي إلى موجات نزوح بيئي واسعة النطاق مما يشكل ضغطا على البنية التحتية للدول ويهدد الأمن الغذائي والمائي معا.
الحاجة إلى تحرك عاجل وحلول بديلة
اختتم الخبير حديثه بالتأكيد على أن مواجهة هذا التحدي العالمي تتطلب إجراءات عاجلة تبدأ بتقليل الانبعاثات وتنظيم استهلاك الموارد الطبيعية وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح إلى جانب حماية الغابات من القطع العشوائي وتشجيع السياسات البيئية الرشيدة التي تضع مستقبل الكوكب في الحسبان وأكد أن أي تأخير في التحرك سيكلف العالم ثمنا باهظا لن يكون من السهل تداركه.
بهذا يتضح أن عام 2024 لم يكن مجرد سنة عابرة في السجلات المناخية بل نقطة تحول فارقة كشفت هشاشة التوازن البيئي وضرورة أن يتكاتف المجتمع الدولي قبل أن يفقد السيطرة على أزمة قد تهدد بقاء الأجيال القادمة.
تعليقات