
في خضم الضغوط المتزايدة من كل صوب، وتصاعد الحديث عن تآكل هيمنة الدولار كعملة عالمية مهيمنة في الأسواق هذا العام، يواجه الدور التاريخي للدولار الأمريكي كملاذ آمن وقت الأزمات اختباراً حقيقياً في حال تفاقم الصراع بين إسرائيل وإيران، مما يثير تساؤلات حول قدرته على الحفاظ على مكانته في ظل الظروف الجيوسياسية والاقتصادية الراهنة، فهل سيصمد الدولار في وجه هذه التحديات المتراكمة؟
تذبذب الدولار في مواجهة الأخبار الجيوسياسية
في تحول غير مألوف عن السلوك المعتاد، انخفضت قيمة الدولار في البداية عقب انتشار أنباء عن شن إسرائيل ضربات جوية على أهداف داخل الأراضي الإيرانية، لكنه سرعان ما استعاد توازنه وارتفع مقابل معظم العملات الرئيسية الأخرى، ويعزى هذا التعافي جزئياً إلى مكانة الولايات المتحدة كأكبر منتج للنفط في العالم، وهو ما ساهم في دعم العملة الخضراء في يوم شهد فيه خام غرب تكساس الوسيط ارتفاعاً بنسبة 10%، مما يعكس تأثير الأحداث الجيوسياسية على أسواق الطاقة والعملات.
تراجع الدولار يثير الشكوك حول مكانته كملاذ آمن
على الرغم من ذلك، سجل مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري أدنى مستوياته منذ ثلاث سنوات يوم الخميس، وذلك وسط مخاوف بشأن الرسوم الجمركية المرتفعة وتدهور التوقعات الاقتصادية الأمريكية، كما أثرت عملية "بيع الأصول الأمريكية" التي طالت مجموعة واسعة من الأصول بدءاً من الأسهم وصولاً إلى سندات الخزانة بشكل ملحوظ على قيمة الدولار، مما أثار شكوكاً حول قدرة العملة الخضراء على الاستمرار في لعب دور الملاذ الآمن في أوقات الأزمات، وهذا يطرح تساؤلات حول مستقبل الدولار في النظام المالي العالمي.
تصدعات في مكانة الدولار كملاذ آمن
ترى هيبي تشن، المحللة لدى شركة فانتاج ماركتس في ملبورن، أن صفة "الملاذ الآمن" للأصول كالدولار والين، ترتكز على ثلاث دعائم أساسية:
- الاستقرار الاقتصادي.
- السيولة.
- المصداقية.
وتضيف أن تراجع الدولار هذا العام يكشف عن وجود تصدعات في هذه الدعائم الثلاث، مما يضع علامات استفهام حول قدرته على الاستمرار في أداء هذا الدور في المستقبل.
منذ بداية العام، انخفض مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري بنحو 8%، وذلك نتيجة لمساعي الرئيس دونالد ترمب لإعادة تشكيل التجارة العالمية، والتي أدت إلى تآكل ثقة المستثمرين في آفاق النمو الاقتصادي الأمريكي، كما أنه من المتوقع أن يؤدي مشروع قانون الضرائب المقترح إلى زيادة العجز الفيدرالي بمليارات الدولارات على مدى عشر سنوات، في حين أصبح دور الولايات المتحدة في التحالفات الأمنية والسياسية موضع شك أيضاً، مما يزيد من الضغوط على الدولار ومكانته العالمية.