أثارت واقعة زواج شاب مصاب بمتلازمة داون من فتاة قاصر تبلغ من العمر 15 عامًا جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، مما دفع المجلس القومي للطفولة والأمومة إلى تقديم بلاغ ضد الأسرتين للتحقيق في الواقعة، وهو الأمر الذي سلط الضوء مجددًا على قضية زواج القاصرات وتداعياتها الخطيرة.
خبراء الصحة النفسية والاجتماعية يؤكدون أن زواج القاصرات ليس مجرد انتهاك لحقوق الطفولة، بل هو كارثة صحية ونفسية ومجتمعية بكل المقاييس، فبحسب تقارير اليونيسف، الفتيات اللواتي يتزوجن قبل سن 18 عامًا يكنّ أكثر عرضة لترك التعليم، والوفاة أثناء الولادة، والتعرض للعنف المنزلي، بالإضافة إلى معاناتهن من اضطرابات نفسية مزمنة نتيجة فقدان الشعور بالأمان والهوية.
الدكتور عمرو الهلالي، استشاري أمراض النساء والتوليد والمناظير الجراحية والأورام بكلية الطب جامعة عين شمس، أوضح أن الزواج المبكر يحمل عواقب مدمرة على حياة الفتاة، مؤكدًا أن زواج الأطفال ينهي طفولتهن ويجبرهن على تحمل مسؤوليات تفوق قدراتهن الجسدية والعقلية، مما يجعلهن غير مستعدات لمواجهة تحديات الحياة الزوجية والأمومة في سن مبكرة.
وأضاف الدكتور الهلالي في تصريحاته لـ “اليوم السابع”، أن الزواج في سن مبكرة، خاصة بعد البلوغ مباشرة، يعني أن الأعضاء التناسلية للفتاة لا تزال في طور النمو، مما قد يؤدي إلى إصابات وتهتكات في المنطقة التناسلية، وإذا حدث حمل، تصبح الفتاة عرضة لمضاعفات كثيرة بسبب صغر سنها، وقد تشمل هذه المضاعفات الإجهاض والولادة المبكرة مع احتمالية التدخل الجراحي أثناء الولادة، كل ذلك يشكل خطرًا حقيقيًا على صحة الفتاة وسلامتها.
ووفقًا لموقع frontiersin، فإن الطفلة التي تُزف إلى بيت الزوجية تحمل أوجاعًا صحية تراكمية لا يتناسب معها جسدها الصغير ولا عقلها، فهي تواجه تحديات جسدية ونفسية تفوق قدرتها على التحمل، مما يؤثر سلبًا على صحتها ومستقبلها.
أخطر العواقب الصحية التي تترتب على هذا النوع من الزواج
الزواج المبكر يحمل في طياته العديد من المخاطر الصحية التي تهدد حياة الفتيات القاصرات، وتؤثر سلبًا على صحتهن الجسدية والنفسية على المدى الطويل، ومن بين هذه المخاطر:
1- مضاعفات الحمل والولادة
الفتيات دون سن 18 عامًا هن أكثر عرضة للإصابة بتسمم الحمل، فقر الدم الحاد، وارتفاع ضغط الدم، بالإضافة إلى أن الولادة المبكرة أو المتعثرة شائعة بين القاصرات بسبب ضيق الحوض وعدم اكتمال النمو الجسدي، كما يرتفع خطر الوفاة أثناء الولادة بنسبة تصل إلى 5 مرات مقارنة بالنساء البالغات، وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية، مما يجعل الحمل والولادة تجربة محفوفة بالمخاطر بالنسبة لهن.
2- تشوهات في النمو
الحمل المبكر يعرقل النمو الطبيعي لعظام الطفلة، خاصة العمود الفقري والحوض، كما يؤثر الحمل المتكرر في سن صغيرة على قدرة الجسم على امتصاص الكالسيوم والحديد، مما يسبب هشاشة العظام وضعف البنية الجسدية في وقت مبكر من العمر، وهذا يؤثر سلبًا على صحتها وقدرتها على الحركة والقيام بالأنشطة اليومية بشكل طبيعي.
3- الإجهاد الجسدي والنفسي
القيام بمهام منزلية متواصلة إلى جانب الحمل يضع ضغطًا شديدًا على الجسد، ويؤدي إلى التعب المزمن، الإرهاق، والضعف العام، مما يؤدي إلى تدهور المناعة، ويجعلها عرضة للأمراض المزمنة والالتهابات المتكررة، وهذا يؤثر سلبًا على نوعية حياتها وقدرتها على الاستمتاع بصحتها.
4- اضطرابات نفسية مزمنة
تظهر حالات القلق المزمن، الاكتئاب، اضطرابات النوم، والكوابيس الليلية لدى عدد كبير من الفتيات القاصرات المتزوجات، وبعض الحالات تسجل أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، خصوصًا إذا تعرضت الطفلة لعنف جنسي أو بدني، وهذا يؤثر سلبًا على صحتهن النفسية وقدرتهن على التأقلم مع الحياة.
5- العقم المبكر أو فقدان الرحم
قد تؤدي الولادات المتكررة في سن مبكرة إلى تمزق الرحم أو التهابات حادة تؤدي أحيانًا إلى استئصال الرحم، وفي بعض الحالات، تترك العمليات القيصرية المتكررة أثرًا يمنع الحمل مستقبلًا أو يؤدي إلى عقم دائم، وهذا يحرمهن من حلم الأمومة ويؤثر سلبًا على حياتهن الزوجية.
6- أمراض جنسية وانتقال العدوى
في كثير من حالات الزواج المبكر، لا يتم إجراء فحوصات طبية شاملة للزوج، ما يعرض الفتاة القاصر للإصابة بأمراض منقولة جنسيًا مثل فيروس الورم الحليمي أو حتى الإيدز في بعض الحالات، وهذا يشكل خطرًا كبيرًا على صحتها وسلامتها، وقد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة.