أكد الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي ونائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، أن تخصيص 78 مليار جنيه في الموازنة الجديدة 2025/2026 يهدف إلى تحفيز القطاع الخاص لزيادة الإنتاج والصادرات وتعزيز التنافسية للاقتصاد المصري، وذلك من خلال توجيه هذه المخصصات للمبادرات والبرامج الخاصة بالأنشطة الإنتاجية والتصديرية والصناعات ذات الأولوية، لدعم القطاع السياحي والصناعات الهامة والمشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وهو ما يعكس اهتمام الدولة بدعم وتمويل القطاعات الاقتصادية التي تحقق نمواً سريعاً وتأثيراً واضحاً على الاقتصاد الوطني، كما أن هذه الخطوة تشجع المستثمرين على ضخ المزيد من الاستثمارات في شرايين الاقتصاد المصري.
دعم الإنتاج الصناعي
أوضح غراب أن تخصيص 29.6 مليار جنيه لدعم الإنتاج الصناعي، بنسبة نمو تصل إلى 69% مقارنة بموازنة العام المالي الحالي، بالإضافة إلى تخصيص 5 مليار جنيه لزيادة الطاقة الإنتاجية للصناعات ذات الأولوية، يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي في القطاعات الإنتاجية، بهدف زيادة معدل التشغيل وتوفير المزيد من فرص العمل وتقليل معدل البطالة، كما أشار إلى زيادة مساهمة القطاع الخاص الذي استحوذ على نحو 60% من إجمالي الاستثمارات خلال النصف الأول من العام المالي الحالي، وأضاف أن توفير التمويل اللازم لدعم القطاع الصناعي والإنتاجي يشجع على تعميق التصنيع المحلي وتعزيز الصناعة الوطنية، حيث يساعد المنتجين على الحصول على التمويل بفائدة مخفضة لتوفير مستلزمات الإنتاج والمواد الخام والآلات والمعدات الضرورية للتطوير وزيادة الإنتاج، مما يخفف الأعباء المالية عنهم ويشجعهم على زيادة الإنتاج والتوسع في المشروعات القائمة وتقليل تكلفة الإنتاج، وبالتالي زيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى تعزيز تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق العالمية وزيادة الصادرات وتنمية موارد الدولة من العملات الأجنبية.
برنامج دعم الصادرات
أشار غراب إلى أن تخصيص 45 مليار جنيه في الموازنة الجديدة، بدءاً من يوليو، لبرنامج دعم الصادرات يهدف إلى ضمان عدم تأخر مستحقات المصدرين، مقارنة بميزانية العام المالي المنتهي التي بلغت 23 مليار جنيه، مما يوفر سيولة نقدية للشركات لمواجهة التحديات الراهنة وتحفيز المستثمرين، بالإضافة إلى أن البرنامج الجديد لرد أعباء الصادرات يقدم تسهيلات واضحة ومباشرة للمصدرين، ويتضمن العديد من البنود الهامة التي تصب في مصلحة الشركات المصدرة وتساعدها على زيادة حجم صادراتها، كما يعزز قدرة الاقتصاد الوطني على المنافسة في الأسواق العالمية، وأشاد بصرف وزارة المالية نحو 70 مليار جنيه كمستحقات لحوالي 2800 شركة مصدرة خلال الفترة من 2019 وحتى 2024.
دعم القطاع السياحي
أضاف غراب أن تخصيص 8.4 مليار جنيه لدعم الاستثمار في القطاع السياحي يهدف إلى مساعدة المستثمرين في هذا القطاع على زيادة أعداد الغرف الفندقية لاستيعاب الزيادة في الوفود السياحية، خاصة وأن مصر شهدت طفرة كبيرة في عدد السائحين الذين زاروا مصر خلال عام 2024، حيث بلغ عددهم نحو 16 مليون سائح رغم التحديات الجيوسياسية، ومن المتوقع أن يزيد العدد خلال العام الجاري ليتجاوز 17 مليون سائح، وأوضح أن تخصيص هذا الدعم للقطاع السياحي يسهم في بناء فنادق ومنتجعات سياحية لاستيعاب الزيادة في أعداد الوفود السياحية إلى مصر، مما يساهم في توفير العملة الأجنبية للدخل القومي في وقت سريع وزيادة إيرادات مصر السياحية، وأضاف أن الإحصائيات تشير إلى أن كل 15 ألف غرفة فندقية جديدة تساهم في تحقيق إيرادات تقدر بنحو 1 إلى 2 مليار دولار سنوياً، ونحو 2 مليار جنيه كضريبة قيمة مضافة، بالإضافة إلى أنواع الضرائب الأخرى، وتوفير نحو 45 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
حوافز نقدية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة
أوضح غراب أن إقرار الموازنة الجديدة لحوافز نقدية تقدر بنحو 5 مليار جنيه للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر يعكس أهمية هذه المشروعات كقاطرة للتنمية الاقتصادية، حيث تلعب دوراً كبيراً في تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل وتطوير أسواق وصناعات جديدة وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، وأشار إلى أن الإحصائيات تؤكد أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تستحوذ على 90% من الشركات في مصر، وتضم نسبة كبيرة من المشروعات متناهية الصغر غير المنضمة للاقتصاد الرسمي، كما أنها توفر حوالي 75% من فرص العمل، وتساهم بنحو 80% من الناتج الإجمالي وفقاً لإحصائيات وزارة التخطيط، وتساعد في تلبية احتياجات السوق المحلي من خلال تصنيع العديد من المنتجات، مما يقلل من فاتورة الواردات، كما تساهم في زيادة الصادرات، خاصة السلع الحرفية والغذائية.
دعم صناعة السيارات والتحول للطاقة النظيفة
أكد الخبير الاقتصادي أن تخصيص 3 مليار جنيه لدعم صناعة السيارات ومستلزماتها، و3 مليار جنيه لمبادرات التحول إلى مصادر طاقة أكثر كفاءة وأقل تكلفة، ومليار جنيه لمبادرة توفير سيارات تاكسي تعمل بالغاز الطبيعي وسيارات ربع نقل وطرحها للشباب، يتماشى مع مبادرة الحكومة لتحويل نحو 1.5 مليون سيارة للعمل بالغاز الطبيعي، بهدف الحفاظ على البيئة وتقليل الانبعاثات الكربونية، لأن الغاز أقل تلويثاً للبيئة ويمثل أحد الحلول التي تتبناها مصر لتحقيق التنمية المستدامة، وأوضح أن تحويل السيارات العاملة بالسولار إلى الغاز الطبيعي يوفر نحو 50% من استهلاك السولار الحالي، ويحقق وفراً كبيراً للدولة في قيمة الدعم المقدم للوقود البترولي المتمثل في السولار والبنزين، كما أن تكلفة استيراد الغاز أقل بكثير من استيراد المنتجات البترولية الأخرى، مما يساهم في تقليل فاتورة الاستيراد، وأشار إلى أن تكلفة المليون وحدة حرارية من الغاز تقدر بنحو ثلث تكلفة استيراد المليون وحدة حرارية من البنزين أو السولار، مما يؤكد التوفير الكبير للتحول إلى الغاز الطبيعي، وذلك في ظل التوقيت الحالي الذي يشهد زيادة في إنتاج مصر المحلي من الغاز الطبيعي يوماً بعد يوم.