منذ الحرب العالمية الأول وحتى الآن.. رحلة 15 قانونًا شكلوا الإيجار القديم في مصر عبر قرن

منذ الحرب العالمية الأول وحتى الآن.. رحلة 15 قانونًا شكلوا الإيجار القديم في مصر عبر قرن

شهدت العلاقة بين المالك والمستأجر في مصر بشأن الإيجار القديم تحولات جوهرية على مدار أكثر من قرن من الزمان، منذ الحرب العالمية الأولة، وحى وقتنا الحالي، تأثرت خلالها بالمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي مرت بها الدولة، خاصةً خلال فترات الحروب والأزمات الاقتصادية.

أزمة الإيجار القديم في مصر

ورغم أن القانون المدني المصري، منذ صدوره بموجب القانون رقم 131 لسنة 1948، أن العقد هو شريعة المتعاقدين، إلا أن الحاجة إلى حماية الفئات الأكثر ضعفًا دفعت المشرع المصري إلى التدخل عبر سلسلة من القوانين الاستثنائية، التي قيدت حرية التعاقد، وفرضت ضوابط صارمة على القيمة الإيجارية ومدد العقود، وهو ما يعرف بـ”قوانين الإيجار القديم”.


استمر هذا النهج لعقود، قبل أن تتجه الدولة، بدءًا من التسعينيات، إلى تحرير العلاقة الإيجارية تدريجيًا، تمهيدًا للعودة إلى مظلة القانون المدني، ونستعرض في هذا التقرير تسلسل تطور قوانين الإيجار في مصر، منذ بدايات التدخل التشريعي في عشرينيات القرن الماضي، وحتى العودة التدريجية إلى أحكام القانون المدني:

مرحلة الحرب العالمية الأولى وما بعدها

مع اندلاع الحرب العالمية الأولى، صدر القانون رقم 11 لسنة 1920 الذي فرض حدًا أقصى للإيجار، يساوي القيمة الإيجارية كما كانت في 1 أغسطس 1914 مضافًا إليها 50%، مع منع طرد المستأجر إلا بأمر قضائي ولأسباب محددة، ثم تبعه القانون رقم 4 لسنة 1921 الذي مد نطاق التقييد ليشمل كل الأماكن، سواء كانت سكنية أو تجارية، مراعاة لظروف الحرب.

الحرب العالمية الثانية

في الحرب العالمية الثانية، صدر القانون رقم 151 لسنة 1941، والذي منع الملاك من رفع الإيجارات أو إنهاء العقود، وذلك لتفادي طرد المستأجرين المصريين لصالح الأجانب مقابل إيجارات مرتفعة.

فترة ما بعد ثورة يوليو 1952

تميزت هذه المرحلة بإجراءات واسعة النطاق هدفت إلى تخفيف العبء عن المواطنين من خلال خفض الإيجارات حسب تواريخ إنشاء العقارات. فصدر القانون رقم 199 لسنة 1952 الذي خفض الإيجار بنسبة 15% للوحدات المنشأة من عام 1944 وحتى سبتمبر 1952.


وتبع ذلك القانون رقم 55 لسنة 1958 بخفض 20% على الوحدات المنشأة حتى يونيو 1958، ثم القانون رقم 168 لسنة 1961 بتخفيض مماثل للأماكن المنشأة حتى نوفمبر 1961.

وفي عام 1962، صدر القانون رقم 46 الذي أعاد تنظيم العلاقة الإيجارية من خلال ربط الإيجار بعائد سنوي مقدر بـ5% من قيمة العقار و3% مقابل الاستهلاك والصيانة، ولحل النزاعات، أُنشئت لجان إدارية قضائية لتقدير القيمة الإيجارية، نظراً لتزايد عدد الشكاوى.

وفي عام 1965، صدر القانون رقم 7 الذي فرض تخفيضًا إضافيًا بنسبة 35% على الإيجارات المقدرة بموجب قانون 1962، مع تخفيض عام آخر بنسبة 20% على جميع الأماكن الخاضعة لقوانين 1952، 1958، و1961.

فترة السبعينات

في عام 1977، صدر القانون رقم 49 الذي ألغى كافة القوانين السابقة المنظمة للإيجار، واستحدث نظامًا جديدًا، من أبرز أحكامه تنظيم تأجير الأماكن المفروشة، كما أجاز القانون للمؤجر الحصول على أجرة إضافية بنسبة تتراوح بين 100% و400% من القيمة القانونية، حسب تاريخ إنشاء العقار، سواء تم تأجيره مفروشًا كليًا أو جزئيًا.


فترة الثمانينيات

جاء القانون رقم 136 لسنة 1981 ليُعد أول محاولة فعلية لإعادة التوازن لصالح المالك. حدد القانون الإيجار السكني (عدا الفاخر) بنسبة 7% من قيمة العقار، ووضع حدًا أقصى للتملك بنظام التمليك، وألزم المستأجرين بالمساهمة في الصيانة حسب تاريخ إنشاء المبنى.

وأعفى القانون الوحدات السكنية من الضريبة العقارية، ومنع إدراجها ضمن الدخل الخاضع للضريبة، وشملت أحكام القانون أيضًا زيادة في إيجارات الأماكن غير السكنية بنسب تراوحت بين 5% و30%، مع تخصيص نصف هذه الزيادة لأعمال الترميم والصيانة.

فترة التسعينيات

صدر القانون رقم 4 لسنة 1996، الذي أعاد العلاقة الإيجارية إلى مظلة القانون المدني، وأتاح حرية التعاقد بين الطرفين فيما يخص القيمة ومدة العقد، وبموجب هذا القانون، توقفت الدولة عن تحرير العقود الجديدة وفق قوانين الإيجار القديم، وأصبح القانون المدني هو المرجع الحاكم للعقود المحررة بعد هذا التاريخ.

مرحلة ما بعد عام 1996

صدر القانون رقم 137 لسنة 2006، الذي منح العقود الموثقة قوة السند التنفيذي، ما سهّل إجراءات تنفيذ الأحكام وشجع المواطنين على توثيق عقودهم، كما صدر القانون رقم 6 لسنة 1997 بزيادة الإيجارات للأماكن غير السكنية بنسبة 10% سنويًا، ثم تم تعديل هذه الزيادة لتصبح بنسبة ثابتة (1% أو 2%) بموجب القانون رقم 14 لسنة 2001، بحسب تاريخ إنشاء الوحدة.

نص قانون الإيجار القديم الجديد المقدم من الحكومة

ينص مشروع قانون الإيجار القديم الجديد على تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر للأماكن المؤجرة لغرض السكنى، وكذلك لغير غرض السكنى، والخاضعة لأحكام القانونين رقمي 49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981.


ويبدأ تطبيق القانون بزيادة القيمة الإيجارية الشهرية لتصبح 20 ضعف القيمة القانونية الحالية للسكنى، وخمسة أضعاف لغير السكنى، مع حد أدنى للأجرة لا يقل عن ألف جنيه في المدن وخمسمائة في القرى، على أن ترتفع القيمة سنويًا بنسبة 15%.

وينص القانون على انتهاء جميع عقود الإيجار الخاضعة له بعد خمس سنوات من تاريخ العمل به، ما لم يتم الاتفاق على الإنهاء المبكر، ويُلزم المستأجر أو من يمتد إليه العقد بإخلاء الوحدة في نهاية المدة، مع منح المالك الحق في طرد الممتنع عن التنفيذ من خلال قاضي الأمور الوقتية، دون الإخلال بحق التعويض، ويجوز للمستأجر الطعن أمام المحكمة، دون أن يترتب على الطعن وقف تنفيذ الإخلاء.

ويمنح القانون أولوية للمستأجرين الذين انتهت عقودهم وفق أحكامه للحصول على وحدات بديلة من الدولة بالإيجار أو التمليك، وفق ضوابط تحدد بقرار من رئيس مجلس الوزراء، مع إنشاء بوابة إلكترونية لتلقي الطلبات خلال 3 أشهر، ونصت المادة الأخيرة على إلغاء القوانين المنظمة السابقة لعلاقة الإيجار اعتبارًا من اليوم التالي لمرور خمس سنوات من تطبيق القانون.

اقرأ أيضًا: المستشار القانوني لمستأجري الإيجار القديم: البعض دفع ما يعادل ثمن العقار كامل.. ولا يجوز تحميلهم أعباء إضافية

. .tmch

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *