“الباك بالعمية”: كيف تختار المغرب “كتّاب” مكفوفين لامتحانات البكالوريا؟ جدل على نار حامية!

“الباك بالعمية”: كيف تختار المغرب “كتّاب” مكفوفين لامتحانات البكالوريا؟ جدل على نار حامية!

في السنوات الأخيرة، عادت قضية تسريبات امتحانات الباكالوريا لتطفو على السطح بسبب بعض الحوادث الفردية، لا سيما فيما يتعلق بالمرشحين المكفوفين الذين يحق لهم الاستعانة بكاتب مرافق، ففي الوقت الذي تسعى فيه وزارة التربية الوطنية جاهدة لضمان تكافؤ الفرص بين جميع الطلاب، تظهر بعض الممارسات الفردية من قبل بعض المرافقين، مما يثير تساؤلات حول فعالية الإشراف والتأطير، دون أن يعني ذلك بالضرورة وجود خلل عام أو نية مسبقة لتعطيل النزاهة،

يعتبر “الكاتب” عنصراً أساسياً في رحلة الطالب الكفيف، إلا أن عدم وجود آليات رقابة فعالة في بعض الحالات، وخاصة بالنسبة للمرشحين الأحرار، يجعل هذه العلاقة منطقة حساسة، عرضة للتأثر بالعوامل الخارجية، ويبقى النقاش دائراً حول كيفية التوفيق بين ضمان حقوق هذه الفئة وحماية مصداقية الامتحانات الوطنية، في سياق دقيق يتطلب نهجاً شاملاً ومتوازناً،

معضلة لا حل لها

تروي منال، وهو اسم مستعار لطالبة كفيفة اجتازت امتحانات نهاية المرحلة الثانوية التأهيلية كمرشحة حرة، عن واحدة من أصعب التجارب التي مرت بها، حيث اضطرت إلى البحث عن مرافق “كاتب” عبر الإنترنت، بعد أن فشلت محاولاتها المتكررة في الحصول على دعم من المديرية الإقليمية أو المؤسسات التعليمية التي زارتها،

وتقول منال، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن الشخص الذي استعانت به بدا مؤهلاً في البداية، لكنها صدمت لاحقاً عندما قام بتصوير ورقة الامتحان ونشرها مع صورة لاستدعائها الشخصي الذي يحمل اسمها الكامل، مما أدى إلى تدخل فوري من الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين واستبعادها من الدورة العادية،

وتوضح المتحدثة أنها لم تكن على علم بما فعله الكاتب، معتبرة أن ما حدث لم يكن نتيجة تواطؤ منها، بل انعكاساً لفراغ تنظيمي جعلها تتحمل عواقب فعل لم تشارك فيه، كما تلفت الانتباه إلى أن الشروط الصارمة المفروضة على المرافقين، وخاصة شرط السن، تجعل من الصعب العثور على كاتب مناسب دون دعم حقيقي من السلطات المختصة،

الاستثناء والقانون

أوضح إدريس المتقي، وهو ناشط جمعوي في مجال الإعاقة، أن توفير الكتاب للمرشحين المكفوفين يتم منذ سنوات من خلال آليات منظمة تشرف عليها المعاهد التابعة للمنظمة العلوية لرعاية المكفوفين، بالتنسيق مع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، حيث يتم اختيار الكتاب من المؤسسات التعليمية العامة والخاصة تحت إشراف مباشر، مع مراعاة شروط النزاهة والكفاءة،

وأضاف المتقي أن التحديات تظهر بشكل رئيسي في حالة البكالوريا الحرة، حيث لا يوجد إشراف مؤسسي مباشر، مما يفتح الباب أمام إدخال كتاب دون تدقيق كافٍ، وهو ما قد يؤدي إلى حوادث تسريب أو ارتباك إداري يصعب التعامل معه لاحقاً، على الرغم من النوايا الحسنة لبعض المرشحين،

وفي رده على سؤال لهسبريس حول حادثة وقعت في أحد معاهد المنظمة، أكد المتحدث، في تصريح له لجريدة هسبريس الإلكترونية، معرفته بتفاصيلها، ووصفها بأنها حالة استثنائية لا يمكن القياس عليها، وقال إن المؤسسة يمكنها رفض الكاتب الذي يقترحه المرشح إذا لم يستوف الشروط القانونية، لكن ليس لديها الحق في الرفض إذا كانت المستندات كاملة والشروط مستوفاة،

تراجع ملحوظ

أكد مصدر مسؤول في وزارة التربية الوطنية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الوزارة تعتمد استراتيجيات واضحة لضمان توفير الكتاب للطلاب ذوي الإعاقة، مشيراً إلى أن الأكاديميات الجهوية تتلقى سنوياً تعليمات دقيقة تنص على تمكين كل مرشح كفيف من مرافق مؤهل، سواء في الشعب الأدبية أو العلمية، دون تمييز أو تأخير،

وأوضح المصدر نفسه أن هذه الإجراءات تشمل أيضاً المرشحين الأحرار، حيث تعمل المصالح الجهوية على توفير الكتاب حتى لأولئك الذين لا ينتمون إلى مؤسسات تعليمية، وذلك لضمان تكافؤ الفرص، والاستجابة لأي طلب يتم تقديمه في المواعيد المحددة، وأضاف أن الحوادث المتعلقة بالتسريبات كانت تثار في الماضي، لكن المؤشرات الحالية تدل على تراجعها بشكل ملحوظ، بفضل تشديد إجراءات الرقابة وتكثيف التنسيق بين مختلف الأطراف المعنية،

وعن مسؤولية الطالب الكفيف في حالة وقوع انتهاكات، شدد المسؤول على أن الأصل هو افتراض البراءة، مؤكداً أنه لم يثبت في أي حالة أن المرشح كان على علم مسبق بما فعله الكاتب، خاصة في غياب أدلة مادية أو قرائن واضحة تثبت التواطؤ،