يا جدعان: وزارة التربية في مرمى النيران بسبب امتحان الفرنساوي!

يا جدعان: وزارة التربية في مرمى النيران بسبب امتحان الفرنساوي!

أثار قرب موعد الامتحانات الإشهادية للمرحلة الابتدائية جدلاً متجدداً حول مسألة “التمييز” بين طلاب التعليم الحكومي والخاص، حيث عبر العديد من أولياء الأمور عن قلقهم بشأن استمرار وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في السماح لطلاب المدارس الخاصة بأداء امتحان الرياضيات باللغة الفرنسية، بموجب رسالة سابقة موجهة لرابطة التعليم الخاص في المغرب، في حين يُحرم طلاب المدارس الحكومية من هذه الميزة، مما أثار استياءً واسعاً.

هذا الاستياء من “التمييز” الذي يرونه غير مبرر قانونياً أو تربوياً، دفع العشرات من العائلات، خاصة في ثلاث مجموعات مدرسية في إقليم القنيطرة، إلى مطالبة الوزير محمد سعد برادة بالسماح لأبنائهم بتقديم الامتحان الإقليمي الموحد في الرياضيات باللغة الفرنسية، بحجة أنهم تلقوا تعليمهم في هذه المادة بهذه اللغة، وأن التحول إلى اللغة العربية في الامتحان قد يسبب لهم إرباكاً.

### قرار سابق يثير الجدل

في 26 سبتمبر 2023، وجه الكاتب العام السابق للوزارة، يونس السحيمي، رسالة إلى رئيس رابطة التعليم الخاص، يعلمه فيها بـ “تمكين مؤسسات التعليم المدرسي الخاص من وضع امتحانات مادة الرياضيات في السنة السادسة من التعليم الابتدائي باللغتين العربية والفرنسية، مع منح الطلاب حرية اختيار لغة الإجابة”.

وأوضح السحيمي آنذاك أن هذا القرار يتماشى مع توجهات الوزير، ويستند إلى نتائج الاجتماعات التي عقدت مع ممثلي مؤسسات التعليم المدرسي الخاص في 25 و26 يوليو 2023، وكذلك إلى الإطار المرجعي لمادة الرياضيات في المرحلة الابتدائية، الذي لا يتضمن أي منع لدمج أنشطة التقويم باللغتين العربية والفرنسية.

### خبراء ينتقدون “التغيير اللغوي”

أكد خبراء تربويون استطلعت هسبريس آراءهم أن إجراء أي تغيير في “الهندسة اللغوية”، بما في ذلك لغة الامتحانات، خارج إطار قانون التعليم المدرسي الذي ينتظر موافقة البرلمان، يعتبر غير قانوني، كما يرون أن السماح لطلاب المدارس الخاصة بتقديم الامتحان باللغة الفرنسية يعزز التمييز ولا يوفر فرصاً متكافئة مع نظرائهم في المدارس الحكومية، مما يتعارض مع القانون الإطاري الذي يؤكد على الإنصاف وتكافؤ الفرص.

الجدير بالذكر أن الوزارة قد حددت يومي 23 و24 يونيو المقبل لإجراء الامتحان الموحد الإقليمي لنيل شهادة الدروس الابتدائية في المدارس المغربية.

### “غير قانوني” من وجهة نظر الخبراء

أوضح خالد الصمدي، الخبير التربوي وكاتب الدولة السابق في التعليم العالي، أن قرار الوزارة بالسماح لمؤسسات التعليم الخاص باعتماد امتحان الرياضيات باللغة الفرنسية يعتبر مخالفاً للقانون، خاصة قانون التعليم المدرسي الذي يحدد الهيكل التعليمي في جميع المستويات، والذي وافقت عليه الحكومة وينتظر المصادقة عليه في البرلمان.

أما من الناحية التربوية، أشار الصمدي في تصريح لهسبريس، إلى أن هذا القرار يضر بمبدأ تكافؤ الفرص بين طلاب القطاعين العام والخاص، باعتبار أننا نتحدث عن نظام تعليمي موحد، وما ينطبق على التعليم العام يجب أن يسري أيضاً على التعليم الخاص.

وأضاف الخبير التربوي أن هذا الأمر غير سليم من الناحية التربوية، وسيحدث نوعاً من الارتباك في الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين فيما يتعلق بصياغة الأسئلة، خاصة وأن هذه الأخيرة تكون موحدة بين التعليمين العام والخاص.

وشدد الصمدي على أن القانون الإطاري يضع التوجهات الكبرى التي يجب ترجمتها إلى نصوص تطبيقية، وعلى رأسها قانون التعليم المدرسي، موضحاً أنه في غياب هذا الأخير، لا يمكن من الناحية القانونية إجراء أي تغيير في البرامج والمناهج، وخاصة في الهيكل اللغوي.

### تكافؤ الفرص في الميزان

نبه جمال شفيق، الخبير التربوي والمفتش المركزي السابق، إلى أن قانون التعليم الخاص ينص أساساً على توحيد المناهج في المدارس الخاصة مع نظيرتها الحكومية، بحيث تحتفظ المدارس الخاصة بالحق في الإبداع التربوي وطرق التدريس، ولكن يجب أن تظل محددات المنهج ولغة الامتحانات موحدة.

وذكّر شفيق، في تصريح لهسبريس، بأن الامتحانات الإشهادية منظمة بمرسوم يحدد من بين أمور أخرى أن اللغة الأساسية للاختبارات هي العربية، مؤكداً أنه إذا كان يجب إجراء تغيير في هذه اللغة، فيجب أن يتم ذلك بطريقة قانونية، وأن يسري على الجميع لضمان مبدأ الإنصاف بين الطلاب، وليس كامتياز لفئة معينة هم طلاب التعليم الخاص في هذه الحالة.

ويرى المفتش التربوي المركزي السابق أن سماح الوزارة لمؤسسات التعليم الخاص باعتماد امتحان الرياضيات باللغة الفرنسية يحتاج إلى إعادة النظر، خاصة أنه يثير مسألة عدم تكافؤ الفرص بين طلاب القطاعين العام والخاص، مشيراً إلى أن القانون الإطاري والرؤية الاستراتيجية للإصلاح يؤكدان على احترام الإنصاف وتكافؤ الفرص.

وأشار شفيق إلى أن المدارس الخاصة المعنية كانت سباقة إلى مخالفة القانون، حيث لجأت خارج الإطار القانوني إلى تدريس الرياضيات باللغة الفرنسية، ثم بدأت تطالب بامتحان الطلاب بهذه اللغة.